أَمْرِهِ)(١) بالرحمة والوحي. قوله : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا)(٢) أي جبريل. قوله : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)(٣) أي بحياة قلوبهم بالإيمان. قوله في حقّ عيسى عليهالسلام : (وَرُوحٌ مِنْهُ)(٤) أي حياة لأنه أحيا به من آمن به ، أو لأنه إنما وجد بقوله : (كُنْ) لا بواسطة أب ، فهو من مجرّد الأمر. أو لأنّ جبريل المسمّى بالروح نفخ في درع أمّه ، فهو من تلك النّفخة ، قال الراغب (٥) : وإضافته تعالى إلى نفسه إضافة ملك ، وتخصيصه بالإضافة تشريف له وتعظيم ، كقوله : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ)(٦).
والرّوح ، بالفتح : الاستراحة والراحة ، وقوله تعالى : (فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ)(٧) أي فراحة ورزق ، والرّيحان : الرزق ، ومنه سبحان الله وريحانه ، أي : واسترزاقه وقوله : (ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ)(٨) أي أنّه جامع لما تأكله دوابّهم ، وهو العصف كالتّبن ونحوه ، ولما يأكلونه كالحنطة ونحوها. وقال الراغب (٩) : الرّوح والرّوح في الأصل واحد ، وجعل الرّوح اسما للنّفس كقول الشاعر في صفة النار (١٠) : [من الطويل]
فقلت له : ارفعها إليك وأحيها |
|
بروحك واجعله لها قيتة قدرا |
وذلك لكون النّفس بعض الروح ، فهو كتسمية النّوع باسم الجنس ، نحو تسمية الإنسان بالحيوان. وجعل اسما للجزء الذي به تحصل الحياة والتحرّك واستجلاب المنافع واستدفاع المضارّ ، وهو المذكور في قوله تعالى : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)(١١)(وَنَفَخْتُ
__________________
(١) ٢ النحل : ١٦.
(٢) ١٧ مريم : ١٩.
(٣) ٢٢ المجادلة : ٥٨.
(٤) ١٧١ النساء : ٤.
(٥) المفردات : ٢٠٥.
(٦) ٢٦ الحج : ٢٢.
(٧) ٨٩ الواقعة : ٥٦.
(٨) ١٢ الرحمن : ٥٥.
(٩) المفردات : ٢٠٥.
(١٠) من شواهد اللسان ـ مادة روح ، وقد عزاه لذي الرمّة ، وكذا في المفردات : ٢٠٥.
(١١) ٨٥ الإسراء : ١٧.