أي : إن أهنته بحادث قال : أربت إن أوهمت ولم تحقّق. وقال الفراء : هما بمعنى (١).
وقوله : (نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ)(٢) سمّاه ريبا لا لكونه مشكوكا في كونه ، بل من حيث تشكّك في وقت حصوله ، فالإنسان أبدا في ريب المنون من جهة وقته لا من جهة كونه ، وعلى هذا قول الشاعر : [من البسيط]
الناس قد علموا أن لا بقاء لهم |
|
لو أنّهم عملوا مقدار ما علموا (٣) |
والارتياب يجري مجرى الأرابة ، ونفي عن المؤمنين الارتياب في قوله : (وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ)(٤). وريب الدّهر : صروفه ، وإنما قيل له ريب لما يتوهّم فيه من المكروه. والرّيب : التّهمة المجرّدة ، ومنه قول جميل (٥) : [من الطويل]
بثينة قالت : يا جميل أربتني |
|
فقلت : كلانا يا بثين مريب |
والريب : الحاجة ، ومنه قول الشاعر (٦) : [من الوافر]
قضينا من تهامة كلّ ريب |
|
وخيبر ثم أجممنا السّيوفا |
والريب : الشكّ المجرّد ، ومنه قول ابن الزّبعرى : [من الخفيف]
ليس في الحق يا أميمة ريب |
|
إنما الريب ما يقول الكذوب |
وفي وصيّة الصدّيق للفاروق رضي الله عنهما : «عليك بالنوائب في الأمور وإياك والرائب منهما» (٧) قال المبرد : هذا مثل. ويقال : راب اللبن إذا صفا وإذا كدّر فهو من الأضداد.
__________________
(١) يعني : رابني وأرابني.
(٢) ٣٠ الطور : ٥٢.
(٣) من شواهد الراغب ، المفردات : ٢٠٥. وفيه : علموا مقدار ما علموا.
(٤) ٣١ المدثر : ٧٤.
(٥) الديوان : ١٤ ، وصوّبنا الرواية والنقص منه.
(٦) البيت لكعب بن مالك الأنصاري كما في اللسان ـ مادة ريب.
(٧) النهاية : ٢ ٢٨٦.