حراجيج لم تنفكّ إلا مناخة |
|
على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا |
فمؤول على أنّها التامة ، ولنا فيها كلام أطول من هذا. قال الراغب (١) : ولا يصحّ أن يقال : ما زال زيد إلا عالما ، كما يقال : ما كان زيد إلا منطلقا ، وذلك لأنّ زال يقتضي معنى النفي إذ هو ضدّ الإثبات ، وما ولا يقتضيان النفي ، والنّفيان إذا اجتمعا اقتضيا الإثبات ، وصار قولهم : ما زال يجري مجرى كان في كونه إثباتا ، فكما لا يقال : كان زيد إلا قائما لا يقال : ما زال زيد إلا قائما.
ويقال : زاله يزيله زيلا أي مازه ، ومنهم من قال : إنّ زيل قاصر فإذا أريد تعديته ضعّف كقوله : (فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ). ومن ثمّ اختلف في نصب زوالها من قوله : «زال زوالها» (٢). فمن اعتقد تعديته نصبه على المفعول ، ومن اعتقد قصوره نصبه على المصدر.
ز ي ن :
قوله تعالى : (خُذُوا زِينَتَكُمْ)(٣) الزينة هنا ما يواري العورة ، وذلك أنّ الحمس ، وهم قريش ، كانوا يطوفون عراة ويقولون : لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها. فأمروا بستر العورة. وقيل : هي أخذ ما يتزّين به من ثياب وغيرها. وقال مجاهد : ما وارى عورتك ولو عباءة.
والزينة في الحقيقة : ما لا يشين الإنسان في شيء من أحواله ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، فأمّا ما يزينه في حالة دون حالة فهو من وجه شين. والزينة بالقول المجمل ثلاث (٤) : زينة نفسية كالعلم والاعتقادات الحسنة ، وزينة بدنية كالقوة وطول القامة ، وزينة خارجية كالمال والجاه. فقوله : (وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ)(٥) هو من الزينة النفسيّة. وقوله :
__________________
(١) المفردات : ٢١٨.
(٢) من قول الشاعر الأعشى (الديوان : ٢٧) :
هذا النهار بدا لها من همّها |
|
ما بالها بالليل زال زوالها؟ |
ويقول ابن منظور : قيل : معناه زال الخيال زوالها (مادة ـ زيل).
(٣) ٣١ الأعراف : ٧.
(٤) وفي الأصل : ثلاثة.
(٥) ٧ الحجرات : ٤٩.