(مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ)(١) أراد الزينة الخارجية. وقيل : هي الكرم المذكور في قوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ)(٢). وعليه قول الآخر (٣) : [من الرجز]
وزينة الإنسان حسن الأدب
وقوله : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ)(٤) يريد الزينة الدّنيوية من المال والقوة والجاه.
وقد نسب الله تعالى التزيين تارة إلى ذاته المقدسة سواء كان ذلك المزين هدى أم غيره ، قال تعالى : (وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) وقال تعالى : (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ)(٥). ولنا فيه كلام مستوفى في «التفسير الكبير» مع المعتزلة. وتارة إلى الشيطان ، قال تعالى : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ)(٦) وتارة إلى العازم من الإنس ، قال تعالى : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ)(٧) في قراءة من قرأه كذلك. وتارة لم يسمّ فاعلها كقوله تعالى : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ)(٨) وقوله : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ) في قراءة من قرأه كذلك (٩).
وقوله : (وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ)(١٠) ، وقوله : (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ)(١١) فيه إشارة بأنّ أحدها إلى الزينة التي يدركها الخاصّ والعامّ بحاسّة البصر ، وذلك من خلقها على هذه الأشكال البديعة والهيئات المختلفة. والثانية إلى الزينة التي يختصّ بمعرفتها الخاصّة دون غيرهم من إحكامها وإتقانها وتسييرها في منازل لا يتعدّى كلّ ما قدّر له : (لَا الشَّمْسُ
__________________
(١) ٣٢ الأعراف : ٧.
(٢) ١٣ الحجرات : ٤٩.
(٣) ورد الشطر في المفردات : ٢١٨.
(٤) ٧٩ القصص : ٢٨.
(٥) ٤ النمل : ٢٧.
(٦) ٣٨ العنكبوت : ٢٩ ، وغيرها.
(٧) ١٣٧ الأنعام : ٦.
(٨) ١٤ آل عمران : ٣.
(٩) قرأها علي (رضي) بضم الزاي ، كما قال ابن خالويه في مختصر الشواد : ٤٠. ويقول الفراء (معاني القرآن : ١ ٣٥٧) : وكان بعضهم يقرأ : «وكذلك زيّن لكثير من المشركين قتل أولادهم» فيرفع القتل إذا لم يسمّ فاعله ويرفع الشركاء بفعل ينويه. وانظر فيه تفصيلا آخر.
(١٠) ١٢ فصلت : ٤١.
(١١) ٦ الصافات : ٣٧.