والثانية أن الإشارة إلى كلّ ما تقدّم ، وفيه سيّئ وغير سيّئ. وقوله : (سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ)(١) أي حلّ بهم ما يسوءهم. قوله : (دائِرَةُ السَّوْءِ)(٢) قرئ بالضم والفتح (٣) ، أي أحاط بهم السّوء إحاطة الدائرة بالشيء ، فلا انفلات لهم منه. ولنا فيه كلام مشبع في «الدرّ» و «العقد» وغيرهما. قوله : (وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً)(٤) أي هلكة ونحوها.
س و د :
قوله تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ)(٥). السّواد : حمله بعضهم على حقيقته ، وهو اللون المعروف والمقول في تعريفه : اللون القابض للبصر عكس البياض فإنه المفرّق للبصر. وقال : هو أنّ الله تعالى يسوّد وجوههم تسويدا محسوسا ليعرفهم أهل المحشر. وعليه قوله : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ)(٦). وقيل : ابيضاض الوجوه واسودادها ، كناية عن الإيمان والكفر وأثرهما ، وذلك أنّ وجه الصادق المطمئنّ يستنير بضوء. ووجه الكاذب الخائف كأنما نسف رمادا.
قوله تعالى : (وَسَيِّداً)(٧) السيّد : من ساد قومه أي فاقهم. وأصله سيود فاعل ، وأصل ذلك من قولهم : سواد الناس ، يعنون أشخاصهم. ولا يفارق سوادي سواده ، أي شخصي شخصه ، فكأنه قام مقام جماعة. والسيّد : البعل أيضا ، ومنه قوله تعالى : (وَأَلْفَيا
__________________
ـ لابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وافقهم الحسن والأعمش ، والقراءة الآخرة للباقين. وفي مختصر الشواذ لابن خالويه (ص ٧٦ و ٧٧) : قرأ «سيئاته» على الجمع ابن أبي إسحاق ، و «سيّياته» أبو بكر الصديق. «سيئا» في بعض المصاحف ، وفي بعضها «سيئات».
(١) ٧٧ هود : ١١.
(٢) ٩٨ التوبة : ٩.
(٣) يقول الفراء : وفتح السوء هو وجه الكلام وقراءة أكثر القرّاء. وقد رفع مجاهد السين في موضعين ها هنا وفي الفتح. فمن قال «السّوء» فإنه أراد المصدر من سؤته سوءا و... ومن رفع السين جعله اسما (معاني القرآن : ١ ٤٥٠).
(٤) ١١ الرعد : ١٣.
(٥) ١٠٦ آل عمران : ٣.
(٦) ٤٠ و ٤١ عبس : ٨٠.
(٧) ٣٩ آل عمران : ٣.