ومراعاة أحواله. ويؤيّده الحديث في وصف الأولياء : «أبدانهم في الأرض سائرة وقلوبهم في الملكوت جائلة» (١). ومنهم من حمله على الاجتهاد في العبادة الموصلة إلى نيل الثواب الأخرويّ. وعليه حمل قوله عليه الصلاة والسّلام : «سافروا تغنموا» (٢).
قوله : (سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى)(٣) أي حالتها. والسيرة : الحالة التي يكون عليها الإنسان وغيره غريزة كانت أو اكتسابا. فالمعنى : إلى حالها التي كانت عليه من العوديّة والحسّية. والتّسيير ضربان : تسخير ، كقوله : (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ) واختيار ، كقوله : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ)(٤).
والسّيرة : الطريقة المسلوكة. وتستعار للمذهب أيضا ، ومنه قولهم : هم على سيرة واحدة ، أي على طريقة.
س ي ل :
السّيلان : جريان الماء. ومنه قوله تعالى : (وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ)(٥) أي أذبناه حتى سال سيلان المائعات. وقرئ : سال سايل (٦) فقيل : هو واد يسيل عليهم بأنواع العذاب. يقال : سال يسيل سيلانا. وقيل : هو من السؤال ، وأبدلت الهمزة ألفا. وأنشد (٧) : [من البسيط]
سالت هذيل رسول الله فاحشة |
|
ضلّت هذيل بما سالت ولم تصب |
والسّيل : اسم للماء الآتي من حيث لا يحتسب ، ويقال له الأتيّ. وأصله مصدر أطلق على السايل. والسّيلان : الممتدّ من الحديد الداخل في النّصاب. وفي صفته عليه الصلاة
__________________
(١) المفردات : ٢٤٧.
(٢) جزء من حديث رواه الطبراني بلفظه.
(٣) ٢١ طه : ٢٠.
(٤) ٢٢ يونس : ١٠.
(٥) ١٢ سبأ : ٣٤.
(٦) ١ المعارج : ٧٠. قرأها ابن عباس : «سال سيل» (مختصر الشواذ : ١٦١). أما «سايل» فلم يذكرها الأخفش ولا الفراء ولا ابن خالويه.
(٧) البيت مطلع من قطعة لحسان بن ثابت (الديوان : ١ ٤٤٣).