كأنّه خارجا من جنب صفحته |
|
سفّود شرب نسوه عند مفتأد |
والمكسور : الحظّ والنّصيب ؛ ومنه : (هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ)(١). والشّراب : ما يشرب. قوله تعالى : (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ)(٢) ؛ الظاهر أنه مكان الشراب ، ويضعف كونه زمانا أو مصدرا. وجمعه مشارب. قال تعالى : (وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ)(٣) فهذا جمع مشرب ، المراد به المصدر.
والشّارب : الشعر الذي على الشّفة العليا ، وهو أيضا عرق في باطن الحلق ؛ سمي بذلك تصوّرا بصورة فاعل الشراب. وقوله : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) أي تمكّن حبّه من قلوبهم تمكّنا بمنزلة من شرب ماء ، فوصل إليه (٤) وخالطه. وقيل : هو على حذف مضاف ، أي حبّ العجل. وأنشد للنابغة الجعديّ (٥) : [من المتقارب]
فكيف تواصل من أصبحت |
|
خلالته كأبي مرحب؟ |
أي كخلالة ابن مرحب.
وقال ابن عرفة : يقال : أشرب قلبه محبّة كذا ، أي حلّ محلّ الشراب. وقيل : هو من قولهم : أشربت البعير ، أي شددت في عنقه حبلا. وأنشد (٦) : [من الوافر]
تغلغل حيث لم يبلغ شراب |
|
ولا حزن ، ولم يبلغ سرور |
ولو قيل : حبّ العجل ، لم يكن في بلاغة ما أنزل الله تعالى ؛ فإنّ في ذكر العجل تنبيها أنّهم لفرط شغفهم به صارت صورة العجل في قلوبهم لا تنمحي. وفي المثل : «أشربتني ما لم أشرب» (٧) أي ادّعيت عليّ ما لم أفعل.
__________________
(١) ١٥٥ الشعراء : ٢٦.
(٢) ٦٠ البقرة : ٢.
(٣) ٧٣ يس : ٣٦.
(٤) في الأصل : إلى ، والسياق يتطلب وجود الضمير.
(٥) شعر النابغة الجعدي : ٢٦. وفي أمالي القالي (١ ٩٢) : وكيف تصادق.
(٦) من شواهد الراغب في المفردات : ٢٥٧.
(٧) أي ادّعيت عليّ شربه ولم أفعل (المستقصى : ١ ١٩٥).