المواضع التي قال فيها : (لا يَشْعُرُونَ ، لا يَعْقِلُونَ) لم يكن تجوّزا ؛ إذ كان كثير مما لا يكون محسوسا قد [لا] يكون معقولا.
والشّعار : الثوب يلي الجسد لمماسّته الشّعر والشّعار أيضا : ما يشعر به الإنسان نفسه في الحرب (١). وفي الحديث : «كان شعارهم : أمت أمت» (٢). وكان شعار فلان عمامة ١٧٩ سوداء. وأشعره الحبّ نحو ألبسه. والأشعر : الطويل الشعر وما استدار منه (٣). وداهية شعراء كقولك : داهية وبراء.
والشّعرى : نجم معروف ، وتخصيصه بالذكر في قوله : (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى)(٤) لأنّ خزاعة كانت تعبدها (٥) ، وهما شعريان : الشّعرى العبور وهي المعبودة ، سميت بذلك لأنها عبرت المجرّة وليس في السماء نجم يقطعها عرضا غيره. والأخرى الغميصاء ، لأنها لا تتوقّد توقّد العبور (٦). وكان الذي سنّ عبادة الشعرى رجل يقال له أبو كبشة ، فخالف سائر قريش ، ولذلك نسبه الكفار إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم في قولهم : «لقد أمر أمر ابن أبي كبشة» (٧) شبّهوه به في مخالفته لهم ، وشتّان ما بينهما!
وفي الحديث : «أنه أعطى ابنته حقوه» (٨) وقال : «أشعرنها إياه ـ أي إزاره ـ واجعلنه شعارها» (٩). وفي وصف الأنصار : «الأنصار شعار والناس دثار» (١٠) أي بمنزلة الشّعار في القرب. وفيه أيضا : «لمّا أراد قتل أبيّ بن خلف تطاير الناس عنه تطاير الشّعر عن
__________________
(١) أي يعلّم نفسه.
(٢) وفي الأصل : أحد أحد. وعند أبي داود. في باب الجهاد. ٧١ : «فكان شعارنا ...».
(٣) وفي المفردات : ٢٦٢ : .. وما استدار بالحافر من الشعر.
(٤) ٤٩ النجم : ٥٣.
(٥) ويقال للشعرى «المرزم» يطلع بعد الجوزاء ، وطلوعه في شدة الحر (اللسان ـ مادة شعر).
(٦) ويقال إنهما أختا سهيل.
(٧) من حديث أبي سفيان وهرقل. ويعنون به النبي صلىاللهعليهوسلم لخلافه إياهم إلى عبادة الله تعالى تشبيها بأبي كبشة الذي خالفهم وعبد الشعرى.
(٨) الحقو : الإزار.
(٩) النهاية : ٢ ٤٧٩ ، أعطى النساء اللواتي غسّلن ابنته حقوه.
(١٠) النهاية : ٢ ٤٨٠ ، أي أنتم الخاصة والبطانة. والدثار : الثوب الذي فوق الشعار.