نصفين ؛ فأخذ كلّ واحد شقّا. ويقولون : لا نلتئم حتى تلتئم هذه العصا. فسميت كلّ عداوة شقاقا باعتبار هذا الأصل.
قوله : (شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ)(١) أي صاروا في جانب وناحية غير ناحية الله ورسوله ، على معنى غير ناحية أمرهما ونهيهما. وأصل ذلك من الشّقّ ، وهو الخرق الواسع في الشيء. قوله : (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)(٢) المشهور أنه وجد ذلك معجزة له عليه الصلاة والسّلام بمشهد عظيم انشقّ نصفين وفضل بينهما جبل. وقيل : هو يأتي قرب يوم القيامة. وأتى بلفظ الماضي لتحقّقه كقوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ)(٣). وقيل : معناه : اتّضح أمر محمد صلىاللهعليهوسلم وقد ادّعى بعض الناس أنّ انشقاق القمر وقع بعد موته صلىاللهعليهوسلم بمدة متطاولة ، وأنّ جمعا كثيرا شاهدوه ببلادهم ، نقله الحليميّ ، ولا أظنّه إلا وهما لما ثبت في الصحيح أنّ وقوع ذلك معجزة له عليه الصلاة والسّلام. فلو جاز وقوعه مرة أخرى لفات ذلك. قوله : (وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ)(٤) : هي القطعة من الأرض ؛ سميت بذلك للحاق المشقّة في الوصول إليها. والشّقّة من الخروق : القطعة المنشقّة نصفين ، ومنه : طار فلان من الغضب شقاقا. وطارت منه شقّة ، كقولك : تقطّع غضبا. قوله تعالى : (لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ)(٥). الشّقّ : المشقّة والانكسار الذي يلحق النفس والبدن ، وذلك كاستعارة الانكسار لها. ويقال : المال بينهم شقّ شعرة ، وشقّ الأبلمة (٦) ، أي مقسوما على السّواء. فالأبلمة : خوص المقل.
والأخ الشقيق : ما كان من الأبوين ، كأنه شقّ أخيه وقطعة منه. قال الشاعر (٧) : [من الخفيف]
يا بن أمّي ويا شقيّق نفسي |
|
أنت خلّفتني لدهر شديد |
__________________
(١) ١٣ الأنفال : ٨. شاقّوا : خالفوا وعصوا.
(٢) ١ القمر : ٥٤.
(٣) ١ النحل : ١٦.
(٤) ٤٢ التوبة : ٩.
(٥) ٧ النحل : ١٦.
(٦) وفي اللسان : بفتح الهمزة وضمها.
(٧) البيت لأبي زبيد الطائي. وفي اللسان : خلّيتني لأمر شديد. وفي الكتاب : ٢ ٢١٣ : خليتني لدهر ـ