(وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ)(١)(وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ)(٢).
قوله : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ)(٣) هو الصبر المتعارف. وقيل : هو الصوم. ومن ثم سمي رمضان شهر الصّوم ، لأنّ فيه حبس النفس عن الملاذّ الدّنيوية من أكل وشرب وجماع ، ولا سيّما الأبرار الذين قال فيهم عليه الصلاة والسّلام : «إنه يسلم من السّبّ والغيبة حتى لو شتم أحدهم لا يردّ بل يقول : إني امرؤ صائم» وقال عليه الصلاة والسّلام : «صيام شهر الصّبر (٤) وثلاثة أيام من كلّ شهر يذهب وحر الصّدر».
قوله تعالى : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)(٥) أي ما أجرأهم على تعاطي أسباب دخول النار من المعاصي. قيل : هي لغة. يقال : هو أصبر على كذا منك. وما أصبره عليك! أي أجرأه. واحتجّ أبو عبيد على كونه لغة في الجرأة بقول بعض العرب لخصمه : ما أصبرك على الله! أي ما أجرأك على اليمين! قال بعضهم : هذا تصور مجاز بصورة حقيقة ، لأنّ ذلك معناه : ما أصبرك على إعداء الله! إذ اجترأت على ارتكاب ذلك. وإلى هذا يعود قول من قال : ما أبقاهم على النار! وقول من قال : ما أعملهم بعمل أهل النار! وذلك أنه قد يوصف بالصبر من لا صبر له في الحقيقة اعتبارا بحال الناظر إليه ، أي من رآهم يقول : وإن لم يكونوا متّصفين بالصّبر ، هذا صفة تعجب فكيف ترد من الباري تعالى؟ فأجيب بأنه جاء باعتبار المخاطبين. ولنا فيه كلام أوسع من هذا.
قوله تعالى : (اصْبِرُوا وَصابِرُوا)(٦) أي احبسوا أنفسكم على العبادة ، وجاهدوا أهواءكم. قوله : (وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ)(٧) أي تحمل الصّبر بجهدك. قوله : (يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا)(٨) أي بما تحمّلوه من الصّبر في الوصول إلى مرضاته تعالى.
__________________
(١) ١٧٧ البقرة : ٢.
(٢) ٣٥ الحج : ٢٢.
(٣) ٤٥ البقرة : ٢.
(٤) وفي س : الصوم. والتصويب من المفردات : ٢٧٤.
(٥) ١٧٥ البقرة : ٢.
(٦) ٢٠٠ آل عمران : ٣.
(٧) ٦٥ مريم : ١٩.
(٨) ٧٥ الفرقان : ٢٥.