يقال : صدر عن كذا : رجع عنه ، وصدر إلى كذا : صار إليه. والوارد : الجائي. والصادر : المنصرف. قوله تعالى : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي)(١) لصدر : الجارحة ، ثم استعير لمقدّم الشيء كصدر القناة وصدر المجلس والكتاب والكلام. وصدره : أصاب صدره ، نحو كبده ، أو قصد قصده. ورجل مصدور : يشتكي صدره. والصّدار : ثوب يغطي الصدر ، وذلك على بناء دثار ولباس ، ويقال له أيضا الصّدرة. فقوله تعالى : (لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)(٢) إشارة إلى هذه الجوارح. قال بعض الحكماء : حيثما ذكر الله القلب فإشارة إلى العلم والعقل ، نحو : «إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» (٣) وحيثما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك ، وإلى سائر القوى من الشهوة والهوى والغضب.
وقوله : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) سؤال لإصلاح قواه. وكذا قوله : (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)(٤) إشارة إلى اشتفائهم ، من قوله : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)(٥) أي العقول فيما بين سائر القوى ، وليست بمهتدية (٦)
__________________
(١) ٢٥ طه : ٢٠.
(٢) ٤٦ الحج : ٢٢.
(٣) ٣٧ ق : ٥٠.
(٤) ١٤ التوبة : ٩.
(٥) ٤٦ الحج : ٢٢.
(٦) جاء في هامش الورقة ١٩٢ من النسخة ح تحت توقيع «ابن تمجيد» قوله : فائدة : الفرق بين المصدر واسم المصدر أن المصدر موضوع للحدث من حيث اعتبار تعلقه بالمنسوب إليه على وجه الإبهام. ولذا يقتضي الفاعل والمفعول ويحتاج إلى تعيينهما في استعماله. واسم المصدر موضوع لنفس الحدث من حيث هو بلا اعتبار تعلقه بالمنسوب إليه وإن كان له تعلق في الواقع ، ولذا لا يقتضي الفاعل والمفعول وتعيينهما. وقال بعض المغاربة : إن المعنى الذي عبر عنه بالفعل الحقيقي الذي مبدؤه الفعل الصناعي إن اعتبر فيه تلبّس الفاعل به وصدوره منه وتجدده ، فاللفظ الموضوع بإزائه بهذا القيد يسمى مصدرا وإن لم يعتبر فيه ذلك. فاللفظ الموضوع بإزاء ذلك مطلقا من هذا القيد هو اسم مصدر.
وتبعه كلام تحت توقيع «مفيد» قوله : الفرق بين المصدر واسم المصدر أن الأول هو الذي له فعل يجري عليه كالانطلاق في انطلق. والثاني اسم بمعناه وليس له فعل يجري عليه كالقهقرى فإنه لنوع من الرجوع ولا فعل له. وقد يقولون : مصدر واسم مصدر في الشيئين المتقاربين لفظا وأحدهما للفعل والآخر للآلة التي يستعمل بها الفعل كالطهور والطهور ؛ بالضم والفتح. فالأول مصدر والثاني اسم ما يتطهر به ؛ كذا في أمالي ابن الحاجب نقل ـ سلمه الله ـ أن الفعل المعبر عنه بالفعل الحقيقي أن اعتبر تلبّس الفاعل وتجدده. فاللفظ الدال عليه المصدر وإن لم يعتبر فاسم المصدر ، أقول : كل يستعمل لكلّ والدعوى لا ـ