وصفر : علم لشهر ، سمي بذلك لخلوّ بيوتهم (١) من الزاد ، والصّفريّ من النّتاج : ما يكون في ذلك الوقت. وقيل صفر (٢) لما كانوا يفعلونه من النّسيء ؛ يؤخّرون المحرم إلى صفر. وفي الحديث : «صفرة في سبيل الله» (٣) أي جوعة ، من الخلوّ. وفي حديث أمّ زرع : «صفر ردائها وملء كسائها وغيظ جارتها» (٤) أي ضامرة البطن سمينة ، إذ رأتها جارتها غاظها حسنها. وفي الأضاحي : «نهى عن المصفرة» (٥) والمصفرة أي المستأصلة الأذن لخلوّ صماخها من الأذن. وقيل : المهزولة ، لصفرها من السّمن وقيل لأبي جهل : «يا مصفّر استه» رماه بالأبنة (٦). وقيل : يا مضرّط نفسه ، مأخوذ من الصّفير ، وهو صوت الضراط.
ص ف ف :
قوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)(٧) الصفّ : جعل الشيء على خطّ مستو كالناس والأشجار ، والمعنى صفا بعد صفّ ، فلا يراد به واحد أبدا. ولهذا كان قول من قال : إنّ «صفا» الثاني تأكيد لفظيّ ساقط كما بيّناه في غير هذا. قوله : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا)(٨) أي صفا واحدا ، ولا يتوارى منهم واحد خلف آخر ، كقوله : (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ)(٩). قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا)(١٠) يحتمل أن يكون مصدرا ، وأن يكون بمعنى الصافّين. وكذا قوله تعالى : (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا)(١١) أي (صافّين. ومعنى المصدرية أن يتناول الفعل قبله به كأنه قيل :
__________________
(١) وفي ح : صوتهم ، وهو وهم.
(٢) وفي الأصل : لأصفر.
(٣) النهاية : ٣ ٣٦ ، والحديث ناقص في الأصل ، ففيه : «صفرة في سل».
(٤) النهاية : ٣ ٣٦.
(٥) النهاية : ٣ ٣٦. وفي رواية «المصفورة».
(٦) النهاية : ٣ ٣٦.
(٧) ٢٢ الفجر : ٨٩.
(٨) ٤٨ الكهف : ١٨.
(٩) ١٦ غافر : ٤٠.
(١٠) ٤ الصف : ٦١.
(١١) ٦٤ طه : ٢٠.