قوله : (إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ)(١) لأنّ أعمالهم تضادّ ذلك. قال الراغب (٢) : أي المفسد يضادّ الله في فعله لأنه يفسد ، والله تعالى يتحرّى في جميع أفعاله الصلاح ، فهو لا يصلح عمله. وفي عبارته غلظة. وقيل : لا يوفقهم لعمل الصلحاء. قوله : (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ)(٣) غلب الصلح على المودّة (٤) بين الناس وإزالة ما بينهم من الضّغائن ، والإصلاح فعل ذلك ؛ قال تعالى : (أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ)(٥) ، والصلح في الفقه نوع من ذلك ، لأن فيه إزالة خصومة بترك بعض الحقّ. قوله : (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)(٦) أي اجعلني منهم بأن أحشر في زمرتهم لأنك تتولّاهم ، ومن تولّيته فلا سعادة له أعظم من ذلك. قوله : (وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ)(٧) أي خلقا وخلقا. وقيل : من العقر ، ألا ترى قوله : (وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً)(٨). قوله : (مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ)(٩) وصفهما بأجمل الصفات لأن الصلاح يشمل أمور الدنيا والآخرة.
وصالح النبيّ المشهور من ذلك. وصلاح : علم لمكنّى مبنيّ على الكسر كحذام وقطام. وهذه لغة الحجاز ، ولغة تميم إعرابه غير منصرف. وقد جمع بين اللغتين من قال (١٠) : [من الوافر]
إذا قالت حذام فصدّقوها |
|
فإنّ القول ما قالت حذام |
وقال الحارث بن أمية يذكر مكة ، شرّفها الله تعالى بهذا الاسم (١١) : [من الوافر]
__________________
(١) ٨١ يونس : ١٠.
(٢) المفردات : ٢٨٥.
(٣) ١٢٨ النساء : ٤.
(٤) وفي الأصل : الموادّة.
(٥) ١١٤ النساء : ٤.
(٦) ١٠١ يوسف : ١٢.
(٧) ٩٠ الأنبياء : ٢١.
(٨) ٥ مريم : ١٩.
(٩) ١٠ التحريم : ٦٦ ، ورسمها مضطرب في الأصل.
(١٠) من شواهد المغني رقم ٣٨١.
(١١) الأبيات مذكورة في اللسان ـ مادة صلح. يعزوها لحرب بن أمية يخاطب فيها أبا مطر الحضرمي. ويقول ـ