ص و ر :
قوله تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ)(١) قيل : الصّور : قرن فيه أرواح العالم ، فإذا نفخ فيه إسرافيل طارت كلّ روح إلى جسدها فلبسته. وقال الراغب (٢) : هو مثل قرن ينفخ فيه فيجعل [الله] ذلك سببا لعود الصور والأرواح إلى أجسامها (٣). وروي في الخبر «أنّ الصّور فيه صور الناس كلّهم» وقيل : الصور جمع صورة ولكنّه خفّف إذ كان من حقّه تحريك عينه نحو غرفة وغرف. ومن ثمّ قرئ شاذا بتحريكها. قوله تعالى : (فِي أَيِّ صُورَةٍ)(٤). الصورة : ما تنتقش به الأعيان وتتميز بها عن غيرها. وذلك ضربان : أحدهما محسوس مدرك للخاصة والعامة ، بل يدركه كثير من الحيوان غير الناطق كصورة الإنسان والفرس والحمار بالمعاينة. والثاني معقول تدركة الخاصّة دون العامة كالصورة التي اختصّ [الإنسان بها](٥) من العقل والرّويّة ، والمعاني التي خصّ بها شيء بشيء ، وإلى الصورتين أشار تعالى بقوله : (خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ)(٦). وقوله : (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ)(٧) ، (يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ)(٨) ، (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ)(٩). وفي الحديث : «إنّ الله خلق آدم على صورته» الهاء عائدة على آدم ، أي على هيئته التي عرفتموها بالسّماع لا كما يتوهّمه الأغتام (١٠) ومن لا فهم له. وقيل : أراد بالصورة ما خصّ به الإنسان من الهيئة المدركة بالبصر والبصيرة ، وبها فضّله على كثير من خلقه. قيل : وإضافته إليه على سبيل الملك لا على سبيل البعضيّة والتّشبيه ، بل على سبيل التّشريف ، كقوله تعالى : (ناقَةَ اللهِ)(١١) وبيت الله.
__________________
(١) ٧٣ الأنعام : ٦ ، وغيرها.
(٢) المفردات : ٢٩٠.
(٣) وفي الأصل : لعود الموارى من الأرواح. والتصويب من المفردات.
(٤) ٨ الانفطار : ٨٢.
(٥) إضافة من المفردات : ٢٨٩ يقتضيها السياق.
(٦) ١١ الأعراف : ٧.
(٧) ٦٤ غافر : ٤٠ ، وغيرها.
(٨) ٦ آل عمران : ٣.
(٩) ٨ الانفطار : ٨٢. والآيات الأربع مضطربة في الأصل.
(١٠) الأغتم والغتميّ : من لا يفصح في كلامه ، وجمعهما غتم أغتام.
(١١) ١٣ الشمس : ٩١ ، وغيرها.