قوله تعالى : (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ)(١) ؛ بضمّ الصاد وكسرها ؛ فقيل : لغتان بمعنى أملهنّ ؛ يقال : صاره يصيره ويصوره : إذا أماله. وقال الأزهريّ : من ضمّ أراد أملهنّ ؛ يقال : صور يصور : إذا مال : ومن قرأ بالكسر فيحتمل ما تقدّم ، وهو لغة فيه. وقيل : بمعنى قطّعهنّ ؛ فإن الأصل فيه صريت أصري أي قطعت ، فقلبت. وقيل : أصرت أصير كما يقال : عنيت أعني وغثيت أغيث ، وغثثت أغثي. قلت : وفي حكايته صور يصور نظر من حيث إنّ مثله يجب إعلاله فيقال : صار يصار مثل خاف يخاف ، إلا أن يكون السماع كذلك فيحفظ ولا يقاس عليه. ويكون مثل قولهم : أغيمت وأغيلت. وقيل : من ضمّ أراد : قطّعهنّ صورة صورة. وقال بعضهم : (صرهنّ) أي صح بهنّ (٢). وحكى الخليل أنه يقال : عصفور صوّار وهو المجيب إذا دعي. وقرئ (فصرّهنّ) بضمّ الفاء وتشديد العين ؛ من الصّرّ وهو الشدّ. وقرئ كذلك لكنه بكسر الفاء (٣) من الصّرير وهو الصوت ؛ ومعناه : صح بهنّ. وفي الحرف كلام أكثر من هذا ، ذكرته في «الدرّ» وغيره. ولا شكّ أن المادة تدلّ على القطع والانفصال. ومنه الصّوار : قطيع البقر ، والجمع صيران. ومنه قول امرئ القيس (٤) : [من الطويل]
ترى بعر الصّيران في عرصاتها |
|
وقيعانها كأنّه حبّ فلفل |
وذلك نحو الصّرمة والقطعة والفرقة وسائر أسماء الجماعة المعتبر فيها معنى القطع. وقال أبو عبيدة : صرهنّ ـ بالضم ـ : قطّعهنّ. واحتجّ بقول الخنساء (٥) : [من البسيط]
لظلّت الشّهب منها وهي تنصار
أي تتصدّع وتتقطّع. وفي حديث مجاهد : «كره أن يصور شجرة مثمرة» (٦) أراد
__________________
(١) ٢٦٠ البقرة : ٢. وعن ابن مسعود بكسر الصاد وفتح الراء وتشديدها قراءة ابن عباس. وبضمها وتشديد الراء قراءة أبي العالية. وبضم الصاد وتشديد الراء مع فتحها قراءة عكرمة.
(٢) وفي الأصل : لهن.
(٣) أي «فصرّهنّ».
(٤) هي رواية ابن النحاس في شرح القصائد التسع المشهورات : ١ ١٠١. ورواية التبريزي والديوان : ترى بعر الآرام.
(٥) ورد الشطر في اللسان ـ مادة صور. لكنه لم يرد في ديوان الخنساء.
(٦) النهاية : ٣ ٦٠.