أي المملوء. وقال أبو بكر : أصل الطبع من الوسخ والدّنس يغشيان السيف. ويقال : طبع يطبع طبعا ، فاستعير لما يوسّخ ويدنّس من الآثام وفعل القبائح. وفي الحديث : «نعوذ بالله من طمع يهدي إلى طبع» (١). وعن مجاهد : الرّين أيسر من الطّبع والطّبع أيسر من الإقفال ، والإقفال أشدّ من ذلك كلّه ، إلا أنّ الهرويّ قال : وكان الصدر الأوّل يرون الطبع هو الرّين.
قلت : يرون موافقة قوله تعالى : (بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ)(٢)(أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ)(٣). وكان المعنى أنّ الله جعل عليها صدأ كصدا الحديد ووسخا كوسخ الثوب منع بصيرتها من إبصار الهدى ، ولله تعالى أن يفعل ما يشاء ويحكم في عباده بما يريد.
ط ب ق :
قوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)(٤) أي حالا بعد حال. والمعنى : يترقّى منزلا عن منزل ، وذلك إشارة إلى أحوال الإنسان من ترقّيه في أحوال كثيرة في الدنيا الآخرة. أما في الدنيا فالإشارة إليها بقوله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ)(٥) إلى بلوغ الأشدّ وإناطة التكليف. وأمّا في الآخرة فالموت والإحياء للبعث ، والبعث والنشور والحساب ومقاساة الأهوال وجواز الصراط وحضور الميزان إلى حين الاستقرار في إحدى الدارين.
قيل : سميت الحال طبقا لأنها تملأ القلوب أو تشارف ذلك. ومنه الحديث : «اللهمّ اسقنا غيثا طبقا» (٦) أي تملأ الأرض مطرا. وكلّ شيء علا شيئا فهو طبق للأسفل. وقيل : المعنى لتركبنّ السماء حالا بعد حال كالمهل ، وفي حال كالفراش ، وفي حال كالدهان وفيه نظر لأنه قرئ «لتركبنّ» بفتح الباء وضمّها على خطاب الواحد والجماعة. وفسرت قراءة
__________________
(١) النهاية : ٣ ١١٢ ، وفي الأصل : «يدين إلى طبع». والتصويب من النهاية.
(٢) ١٤ المطففين : ٨٣.
(٣) ٤١ المائدة : ٥.
(٤) ١٩ الانشقاق : ٨٤.
(٥) ٦٧ غافر : ٤٠ ، وغيرها.
(٦) النهاية : ٣ ١١٣. ويقول ابن الأثير : غيث طبق ، أي عامّ واسع.