الفتح بأنها خطاب لرسوله عليه الصلاة والسّلام وأنه وعده بالإسراء أو بترقّيه إلى المراتب العليّة ، وكلّ قد وقع (١). وقال ابن عرفة : الطبق : العالم ، ومنه قول العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه (٢) : «إذا مضى عالم بدا طبق» أي إذا ذهب قرن جاء (٣) آخر ، سمّوا طبقا لأنهم طبقوا الأرض. وفي حديث أمّ زرع : «زوجي عياياء طباقاء» (٤) أي أطبق عليه الحمق ، وأطبق عنه الكلام أو أموره. قوله : (سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً)(٥) أي متطابقة بعضها فوق بعض ، وكلّ منها طبق لما تحته.
والمطابقة من الأسماء المتضايفة ؛ هو أن تجعل الشيء فوق آخر بقدر. ومنه قولهم : طابقت النّعل ، أي ساويت بينها ، وأنشد (٦) : [من الطويل]
إذا لاوذ الظّلّ القصير بخفّه |
|
وكان طباق الظلّ أو قال زائدا |
والطّباق في اصطلاح أهل البديع ذكر الضدّين ، ولهذا يسمّونه التّضادّ كقوله : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا)(٧)(وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى)(٨). وقيل : قد يستعمل الطباق في الشيء الذي يكون فوق الآخر تارة ، وفيما يوافق غيره تارة كسائر الأسماء الموضوعة لمعنيين ، ثم يستعمل في أحدهما دون الآخر كالكأس والرّواية ونحوهما. وطابقته على كذا : وافقته عليه ؛ كأنك جئت طبقه. ومنه : أطبقوا وتطابقوا على كذا ، أي أجمعوا. والجواب مطابق للسؤال : موافق له على قدره كمطابقة النّعلين.
__________________
(١) قرأ مسروق «لتركبنّ» يا محمد حالا بعد حال ، وكذلك ابن مسعود وفسّر «لتركبنّ» السماء حالا بعد حال ، وكذلك ابن عباس وفسّرها : لتصيرنّ الأمور حالا بعد حال للشدة. ويقول ابن الأثير : قرأ هؤلاء «لتركبنّ» واختلفوا في التفسير. وقرأ أهل المدينة وكثير من الناس «لتركبنّ» أي الناس عامة ، والتفسير : الشدة. وهناك قراءات وتفسيرات أخرى في (معاني القرآن : ٣ ٢٥٢ ـ تفسير القرطبي : ١٩ ٢٧٨ ـ مختصر الشواذ : ١٧٠).
(٢) النهاية : ٣ ١١٣. وهو صدر بيت.
(٣) وفي الأصل : وجاء ، ولا يستقيم.
(٤) النهاية : ٣ ١١٤ ، والمعنى : أموره مغشّاة عليه. وفي البخاري (النكاح ٨٢): «غياياء وطبقاء».
(٥) ٣ الملك : ٦٧.
(٦) البيت من شواهد المفردات : ٣٠١ ، وفيه : قلّ زائدا. وفي س : زائد.
(٧) ٤٣ و ٤٤ النجم : ٥٣.
(٨) ٤٨ النجم : ٥٣. أقنى : أفقر أو أرضى بما أعطى.