في المأكول والمشروب. وفي الحديث عن زمزم : «طعام طعم» (١) أي تشبع من شربها كما يشبع بالطعام. قال النضر : يقال : هذا طعام يطعم من أكله ، أي يشبع آكله. وهذا لا يطعم آكله ، أي لا يشبع. وقيل : الطعم مختصّ بالمأكولات وأجابوا عن الآية بأنه تعالى إنما قال : (لَمْ يَطْعَمْهُ) تنبيها أنه محظور عليه تناوله إلا غرفة من طعام ، كما أنه محظور عليه أن يشربه إلا غرفة فإن الماء قد يطعم إذا كان مع شيء يمضغ ولو قال : ومن لم يشربه ، كان يقتضي جواز تناوله إذا كان في طعام. فلما قال : «ومن لم يطعمه» بيّن أنه لا يجوز تناوله على كلّ حال إلا بقدر المستثنى ، وهو الغرفة باليد. وأجابوا عن الحديث بأنه عليه الصلاة والسّلام إنما قال ذلك لأنه قام مقام الطعام ، فنبّه أنه يغذّي بخلاف سائر المياه.
قوله : (فَإِذا طَعِمْتُمْ)(٢) أي أكلتم الطعام. وفي قوله تعالى : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ)(٣) أي أعطى الطّعام وجعله له. وقرئ : «إطعام» (٤) على المصدرية نسقا على (فَكُّ رَقَبَةٍ) بالرفع ؛ فإن القراءتين متلازمتان. قوله : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ)(٥) أي على حبّهم ٢١٥ للطعام. وهذا كقوله : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ)(٦) قيل : نزلت في فاطمة الزهراء وبعلها أمير المؤمنين وولديها سيدي (٧) شباب أهل الجنة في قصة طويلة ذكرتها في التفسير. واستعير الإطعام والاستطعام لردّ الكلام والجواب ؛ وفي الحديث : «إذا استطعمكم الإمام فأطعموه» (٨) أي إذا أرتج على إمام الصلاة في قراءته فردّوا عليه غلطه أو وقفته.
وطعم فهو طاعم : أكل الطعام ، ويكون بمعنى حسن الطعام أيضا. يقال : هو طاعم ،
__________________
(١) النهاية : ٣ ١٢٥.
(٢) ٥٣ الأحزاب : ٣٣.
(٣) ١٤ البلد : ٩٠.
(٤) قراءة علي «فكّ رقبة أو أطعم». وبها قرأ ابن كثير وأبو عمر والكسائي أيضا (تفسير القرطبي : ٢٠ ٧). ويقول الفراء : وهو أشبه الوجهين بصحيح العربية ، لأن الإطعام اسم ، وينبغي أن يرد على الاسم اسم مثله (معاني القرآن : ٣ ٢٦٥).
(٥) ٨ الإنسان : ٧٦.
(٦) ٩ الحشر : ٥٩.
(٧) وفي الأصل : سيدا.
(٨) النهاية : ٣ ١٢٧. ولعل الصواب أن يقول : إذا أرتج عليه في قراءة الصلاة.