الانقياد ، ويضادّه الكره ؛ قال تعالى : (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً)(١)(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً)(٢)(وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً)(٣). قال بعضهم : والطاعة مثله ، لكنّه أكثر ما يقال في الائتمار فيما أمر والارتسام فيما رسم.
قوله تعالى : (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً)(٤) قرئ بإسناد الفعل إلى الربّ ؛ فقال بعضهم : إنّ السائلين ليسوا بمؤمنين. وقيل : بل كانوا مؤمنين ، وأجيب عنهم بأجوبة أحدها أنهم لم يقصدوا قصد القدرة وإنما قصدوا هل تقتضي الحكمة أن يفعل ذلك؟
الثاني أنّ يستطيع بمعنى يطيع ؛ يقال : استطاع وأطاع بمعنى واحد. والمعنى : هل يستطيع أن يجيب سؤالنا فيما نسأله (٥) كقوله تعالى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ)(٦) أي يجاب ، وإنّهم قالوا ذلك قبل أن تقوى معرفتهم بالله تعالى. والمؤمن قد يجهل بعض الصفات العليّة حتى يعلمها. ولذلك اختلف المسلمون في بعض الصفات العليّة نفيا وإثباتا. وقرئ بإسناد الفعل إلى المخاطب ونصب الربّ ، وهي واضحة أي على تقدير سؤالك ربّك نحو : هل تستطيع يا فلان الأمير أن يعطيني؟ (٧).
قوله تعالى : (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ)(٨) ، أي ليكن منكم طاعة. وقيل : تقديره طاعة وقول معروف أمثل بكم. وسوّغ الابتداء بالنكرة العطف عليها. وقيل : الأصل أطيعوا ، ثم أبدل من الفعل مصدر منصوب نحو : (فَضَرْبَ الرِّقابِ)(٩) ثم رفع خبر المبتدأ محذوف
__________________
(١) ١١ فصلت : ٤١.
(٢) ١٥ الرعد : ١٣.
(٣) ٨٣ آل عمران : ٣.
(٤) ١١٢ المائدة : ٥.
(٥) لعله يقصد رواية علي وعائشة : هل تستطيع ربك بالتاء ، أي هل تقدر على أن تسأل ربّك «أن ينزّل علينا مائدة من السماء» (معاني القرآن للفراء : ١ ٣٢٥).
(٦) ١٨ غافر : ٤٠.
(٧) تركيب الجملة في الأصل : «هل تستطيع يا فلان أن الأمير يعطيني» ، ولعل ما ذكرناه أكثر صوابا.
(٨) ٢١ محمد : ٤٧.
(٩) ٤ محمد : ٤٧.