مبالغة ، أي أمركم طاعة كقوله : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)(١) وقد صرّح الشاعر بما قدّرناه من المبتدأ في قوله (٢) : [من الطويل]
فقالت : على اسم الله أمرك طاعة |
|
وإن كنت قد كلّفت ما لم أعوّد |
قوله تعالى : (مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ)(٣) ؛ مطاع اسم مفعول من أطعته فهو مطاع. ومعناه إن كان المراد به جبريل أنّه مطاع الأمر فيما يأمر به عن الله في ذلك المكان العالي لملائكة ربّه كخاصة الملك إذا أمروا بعض الخدم. وإن كان المراد به نبيّنا صلىاللهعليهوسلم فالمعنى مطاع فيما يسأله ربّه ويدعوه به ويقوّيه. قوله في حديث الشفاعة : «ارفع رأسك وقل تسمع واسأل تعط واشفع تشفّع» (٤) وهذا هو المشار إليه بقوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً)(٥). قوله تعالى : (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً)(٦) أي تنفّل بالطاعة ممّا لم يفترض عليه.
وأصل التطوّع تكلّف الطاعة. غلب في العرف على التطوّع بما لا يلزم من العبادات (٧). ومنه الحديث : «المتطوع أمير نفسه» (٨). قوله تعالى : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(٩) قد فسّر النبيّ صلىاللهعليهوسلم الاستطاعة بوجود الزاد والراحلة وأمن الطريق. والاستطاعة نوعان : استطاعة بنفسه واستطاعة بغيره كما هو مشروح في غير هذا حسبما بينّاه في «القول الوجيز». والاستطاعة : استفالة (١٠) من الطّوع فأعلّت بالحذف وعوّض منه التاء
__________________
(١) ١٨ يوسف : ١٢ ، وغيرها.
(٢) البيت لعمر بن أبي ربيعة كما في الديوان : ١٥٤ ، وشرح شواهد المغني : ١ ٣٢١.
(٣) ٢١ التكوير : ٨١.
(٤) صحيح البخاري : التوحيد ، ١٩. وفي ابن ماجة : الزهد : ٣٧.
(٥) ٧٩ الإسراء : ١٧.
(٦) ١٨٤ البقرة : ٢.
(٧) جاء في هامش النسخة ح ، الورقة : ٢٢٠ «الفرق بين الطاعة والعبادة والعبودية أن الطاعة مسبوقة بالأمر بخلاف العبادة ، وهي فعل بما يرضي الرب تعالى ، والعبودية الرضى بما يفعل الرب عزوجل. فالعبادة تسقط في العقبى بخلاف العبودية. تحفة الألباب لعبد المجيد». ولم نجد الكتاب المذكور في كتب الكتب.
(٨) صحيح الترمذي ، الصوم : ٣٤.
(٩) ٩٧ آل عمران : ٣.
(١٠) في الأصل : استفعال.