وقيل : إنهم كانوا يأخذون شاة هزيلة يضعونها في مال اليتيم ويأخذون بدلها سمينة. وقيل : كانوا يعمدون إلى رذالة التّمر وغيره فيتصدّقون به ويبقون لأنفسهم الطيّب كقوله : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) الاية (١). قوله : (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً)(٢) أي مطهّرة مما عليه مساكن الدنيا من خوف الخراب وطرق العدوّ وغير ذلك. ومثل ذلك : (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)(٣) فإنّ بلادهم كانت حصينة قليلة الوحش والهوامّ فلم يشكروا هذه النعمة. وقيل : إشارة إلى الجنة وجوار ربّ العزّة. قوله : (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ)(٤) يريد : الكريم المنبت الزكيّ.
قوله : (صَعِيداً طَيِّباً)(٥) أي طاهرا لا نجاسة فيه ، ومن ذلك سمّوا الاستنجاء استطابة ، لأنه تحصيل للطيّب وهو الطّهارة. وفي «التحيات والصّلوات الطّيبات» (٦) أي من الكلام مصروفات لله تعالى كالتسبيح والتقديس ونحو ذلك. وفي الحديث : «نهى أن يستطيب الرجل بيمينه» (٧) أي يستنجي. وقد مرّ تفسيره. وفي الحديث : «نهى أن تسمّى المدينة يثرب لأن الثّرب هو الفساد ، وأمر أن تسمّى طيبة وطابة لطيبتها» (٨) لقوله في حديث آخر : إن المدينة طيبة تنفي خبثها. والطابة أيضا : العصير ، لطيبه ؛ ومنه أنه «سئل طاووس عن الطابة تطبخ على النّصف» (٩). وفي حديث المولد : «المطيّبين الأحلاف» (١٠) أي الذين غمسوا أيديهم في الطيب ليحلفوا أيمانا مؤكّدة ، وهم في قريش خمس قبائل : بنو عبد الدار ، وجمح ، وسهم ، ومخزوم ، وعديّ بن كعب في قصة طويلة. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر
__________________
(١) ٢٦٧ البقرة : ٢.
(٢) ٧٢ التوبة : ٩.
(٣) ١٥ سبأ : ٣٤.
(٤) ٥٨ الأعراف : ٧.
(٥) ٤٣ النساء : ٤ ، وغيرها.
(٦) النهاية : ٣ ١٤٨.
(٧) النهاية : ٣ ١٤٩.
(٨) النهاية : ٣ ١٤٩.
(٩) النهاية : ٥ ١٠١.
(١٠) النهاية : ٣ ١٤٩.