اللفظين تأكيدا. وحسّن ذلك اختلاف اللفظين كقوله تعالى : (صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ)(١) ، وقوله :
وألفى قولها كذبا ومينا (٢) [من الوافر] ١٢٤
وهند أتى من دونها النّأي والبعد (٣) [من الطويل]
وقيل : الرأفة أرقّ من الرحمة ، فهي أخصّ ، وعلى هذا فلا تكرار ولا تأكيد. يقال : رأف به يرأف رأفة ورآفة مثل كأبة وكآبة. ورؤف به أيضا بزنة ظرف ، فهو رؤوف. مثل حذر ويقظ بزنة صبور وشكور. وقد قرئ بذلك في المتواتر.
ر أو :
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ)(٤) أي لم ينته إلى علمك كقوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ)(٥) والرؤية بمعنى العلم كثير. وقيل : معناه التعجب ؛ عجب الله من فعل هؤلاء الخارجين. وقال سيبويه : سألته ـ يعني الخليل ـ عن قول الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً)(٦) فقال : هذا واجب معناه التنبيه كأنه قيل : ألم تسمع [أنه] أنزل الله من السماء ماء فكان كذا وكذا؟ واعلم أنّ رأى لفظ مشترك بين معان ؛ رأى بمعنى أبصر ، وبمعنى علم ، وبمعنى ظنّ ، وبمعنى حلم في المنام ، وبمعنى ضرب رئته. وقد يتميز بعضها بالمصدر ؛ فمصدر البصريّة رؤية ، والحلميّة رؤيا ، والرأي لغير ذلك. وقد يجيء في البصرية كقوله تعالى : (رَأْيَ الْعَيْنِ)(٧). ولذلك أضافه للعين ، فإن كان على خلاف الأصل. وقوله : (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ)(٨) ،
__________________
(١) ١٥٧ البقرة : ٢.
(٢) عجز بيت لعدي بن زيد (طبقات فحول الشعراء : ٦٣). وصدره :
فقدّمت الأديم لراهشيه
(٣) الشطر للحطيئة ، كما في اللسان ـ نأي.
(٤) ٢٤٣ البقرة : ٢.
(٥) ٢٣ آل عمران : ٣.
(٦) ٦٣ الحج : ٢٢.
(٧) ٢٣ آل عمران : ٣.
(٨) ٦٢ الإسراء : ١٧.