وقوله : (أَرَأَيْتَكُمْ)(١) ونحوه معناها في هذا كلّه معنى : أخبرني. ويلزم حينئذ فتح التاء مفردة على كلّ حال ، استغناء بمطابقة الكاف لما يراد بها من إفراد وتذكير وضدّيهما. ولذلك لا يعلّق أخبرني ؛ فإن لم يرد بها معنى أخبرني وجب مطابقة التاء لما يراد بها. وللنحويين في «أرأيتك» الإخباريّة خلاف طويل بالنسبة إلى الفاعل (٢) ودلائل متعارضة تحقيقها في غير هذا ويفيد. «أرأيتك» بمعنى أخبرني معنى التّنبيه والتي بمعنى العلم والظنّ. والحكم يتعدّى في أحوالها الثلاثة إلى مفعولين ، وفيما عدا ذلك يتعدّى إلى مفعول واحد. ويتعدّى بالهمزة إلى مفعول آخر هو فاعل في المعنى ، فتعدّى المتعدية إلى اثنين قبل ذلك إلى ثلاثة وهو نهاية تعدّي الفعل كقوله تعالى : (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً)(٣). والمتعدية لواحد يتعدّى بها إلى اثنين. وقد يقلب رأى بتقديم لامه على عينه فيقال : راء ، وأنشدوا (٤) : [من الطويل]
وكلّ خليل راءني فهو قائل |
|
من آجلك : هذا هامة اليوم أو غد |
وتحذف عينه في الاستفهام نحو : أريتك وأريتكم (٥) وهي قراءة الكسائيّ. وقد قسم بعضهم الرؤية إلى أقسام فقال : وذلك أضرب بحسب قوى النفس ؛ الأول : بالحاسّة وما يجري مجراها كقوله تعالى : (وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ)(٦) هذا مما يجري مجرى الرؤية بالحاسّة ، فإنّ الحاسة لا تصحّ على الله تعالى. والثاني : بالوهم والتخيّل نحو : رأيت أنّ زيدا منطلق. والثالث : بالتفكّر نحو : (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ)(٧). والرابع : بالعقل
__________________
(١) ٤٠ الأنعام : ٦. أرأيتك وأرأيتكما وأرأيتكم كلمة تقولها العرب عند الاستخبار بمعنى أخبرني وأخبراني وأخبروني. وتاؤها مفتوحة أبدا (النهاية : ٢ ١٧٨).
(٢) في الأصل كلمة «ماذا» واختلاف النحويين منصبّ على الكاف ؛ فقال الفراء والكسائي : لفظها لفظ نصب وتأويلها تأويل رفع.
(٣) ٤٣ الأنفال : ٨.
(٤) البيت لكثير كما في الديوان : ٤٣٥.
(٥) وفي الأصل : أرأيتك وأرأيتكم.
(٦) ٩٤ التوبة : ٩.
(٧) ٤٨ الأنفال : ٨.