عاهدهم عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن لا يمنع أحد من البيت الحرام (١).
ورأى عمر بن عبد العزيز ومالك بن أنس أن يمنع منه أهل الكتاب ومن سائر المساجد كما يمنع المشركون وهو قول قتادة (٢) ورأى أبو حنيفة أن لا يمنع من ذلك أهل الكتاب خاصة (٣) فاتفقوا على أن المساجد تمنع من كل ما يمنع منه المسجد الحرام وأكثر أهل العلم يرى أن هذا ليس من باب الناسخ والمنسوخ لأنها لم تنسخ قرآنا ولا سنة إنما نسخت ما كان الناس عليه أبدا قبل ذلك والقرآن كله ناسخ لمثل ذلك (٤).
وقوله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) الآية إلى قوله : (وَهُمْ صاغِرُونَ) [التوبة : ٢٩] هي آية السيف التي تقدم القول فيها إنها نسخت لكل آية نزلت في العفو والمسالمة واللين ، وقيل : إنها نسخت أيضا مفهوم الخطاب في قوله (٥) : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ) لأنه فهم منه تخصيص المشركين للقتل دون أهل الكتاب ثم نسخ ذلك بآية السيف فأباح بها قتال أهل الكتاب بعد ما كان قتلهم متروكا بما يفهم من الآية الأولى.
ورأيت بعض أهل العلم يستحسن هذا القول (٣٤) ولا أدري كيف يحسن ذلك فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد كان قاتل أهل الكتاب وقتلهم وعاهدوه على الجزية فهل ذلك كله قبل نزول آية السيف فالقول الأول فيها أولى بالصواب والله أعلم.
__________________
(١) انظر : الناسخ والمنسوخ للنحاس (١٥٦).
(٢) انظر : الإيضاح (١٧٠).
(٣) انظر : الناسخ والمنسوخ للنحاس (١٥٦) والإيضاح (٢٧٠).
(٤) انظر : الإيضاح (٢٧٠).
(٥) انظر : الإيضاح (٢٧١).