سمّى به ، وجمع على زحوف وانتصابه على الحال من المفعول ، ويحتمل من الفاعل والمفعول معا.
أي إذا لقيتموهم متزاحفين : يدنون إليكم وتدنون إليهم (فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) بالانهزام قيل إنّها منسوخة والأظهر أنّها محكمة مخصوصة بما تقدّم من كون الكفّار على الضّعف أو أقلّ ، فيكون فيها دلالة على تحريم الفرار في هاتين الصورتين ، فلو زادوا على الضّعف جاز عملا بما تقدّم من آية التخفيف.
(وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ) مائلا إلى حرف أو طرف ، ومنه التحرّف في طلب الرزق ، وهو الميل إلى جهة يظنّ فيها أنّها أمكن للقتال ، والمراد هنا الكرّ بعد الفرّ وتغرير العدوّ بأن يخيّل إليه أنّه منهزم عنه ثمّ يعطف عليه فإنّه من مكائد الحرب ، وقيل إصلاح لأمة حربه أو طلب ماء لمكان عطشه ، أو مأكولا لجوعه ، أو يكون الشمس أو الرّيح في مقابلته ويتأذّى بهما ، أو يرتفع عن هابط أو نحو ذلك.
(أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ) أو منحازا إلى فئة اخرى من المسلمين يستنجد بها في القتال ، وهل يعتبر كونها قريبة أو صالحة للاستنجاد؟ الظاهر لا عملا بالعموم ، نعم لو كانت بعيده على وجه يخرج عن كونه مقاتلا عادة ، فالظاهر عدم الجواز ، وانتصاب متحرّفا ومتحيّزا على الحاليّة ، ولا عمل لحرف الاستثناء فيه ، وقيل على الاستثناء من المولّين أي إلّا رجلا متحرّفا أو متحيّزا (فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) وعيد عظيم على الفرار من الزحف ، ومن ثمّ عدّوه من الكبائر الّتي لا تزول إلّا بالتوبة بأن يظهر النّدم على ما فعل ، والعزم على أن لا يعود إلى مثله وظاهرها تحريم الفرار من الزّحف على العموم ، ورواه أصحابنا (١) عن الصّادقين
__________________
(١) انظر البرهان ونور الثقلين تفسير الآية والوسائل الباب ٢٩ من أبواب جهاد العدو ج ٢ ص ٤٢٨ والباب ٤٥ و ٤٦ من أبواب جهاد النفس ج ٢ من ص ٤٦٣ الى ص ٤٦٥ ومواضع متفرقة منه وكذلك الوافي الجزء الثالث من ص ١٧٤ الى ص ١٧٦ ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٣١٦ الى ص ٣١٨ وغيرها من كتب الاخبار ، وانظر من كتب أهل السنة سنن البيهقي ج ٩ ص ٧٥ وص ٧٦.