[الثالثة (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (١) استدلّ أصحابنا بها على أنّ الذمّي إذا انتقل من دينه إلى دين آخر من ملل الكفر ، سواء كان ذلك الدّين مما يقرّ عليه أهله أم لا ، لم يقرّ عليه ، ويؤيّده ما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : من بدّل دينه فاقتلوه (٢) ولا كلام بينهم فيما إذا كان الدين ممّا لا يقرّ عليه ، ولو كان ممّا يقرّ عليه أهله كاليهوديّ يتنصّر أو العكس فالأكثر على ذلك أيضا لعموم الآية المذكورة.
وربما ذهب بعض أصحابنا إلى أنّه يقرّ عليه لأنّ الكفر ملّة واحدة ، فلا يتفاوت الحال بين كونه على الملّة الّتي كان عليها أوّلا أو غيرها ممّا يقرّ عليه.
وفيه نظر فانّ كون الكفر ملّة واحدة لا يقتضي الإقرار مع معارضة الآية ، ولو عاد مثل هذا إلى دينه الأوّل فمقتضى الآية عدم القبول].
الثالثة : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) (٣).
(قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي الّذين لا يعترفون بتوحيد الله ولا يقرّون بالبعث والنشور ، وهذا يدلّ على صحّة ما ذهب إليه أصحابنا من أنّه لا يجوز أن يكون في جملة الكفّار من هو عارف بالله ، وإن أقرّ باللّسان ، نعم يكون معتقدا لذلك لا عن علم ، فإنّ الآية صريحة في أنّ أهل الكتاب الّذين يؤخذ منهم الجزية لا يؤمنون بالله واليوم الآخر.
__________________
(١) آل عمران : ٨٥ ، وذكر هذه الآية مع ما يليها من البحث من مختصات نسخة سن.
(٢) الجامع الصغير بالرقم ٨٥٥٩ ج ٦ ص ٩٥ فيض القدير أخرجه عن أحمد والبخاري وأصحاب السنن ورواه في دعائم الإسلام عن النبي (ص) ج ٢ ص ٤٧٨ بالرقم ١٧١٧ ونقله عنه في مستدرك الوسائل ج ٣ ص ٢٤٢ وقد أرسل الحديث فقهاؤنا بعنوان النبوي في كتبهم الفقهية.
(٣) براءة : ٢٩.