الْمَلائِكَةُ) الآية و (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ) الآية بعث بها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى مسلمي مكّة فقال جندب بن ضمرة لبنيه : احملوني فإنّي لست من المستضعفين ، وإنّى لأهتدى الطّريق ، والله لا أبيت اللّيلة بمكّة ، فحملوه على سرير متوجّها إلى المدينة وكان شيخا كبيرا ، فلمّا بلغ التنعيم أدركه الموت ، فأخذ يصفّق بيمينه على شماله ثمّ قال : اللهمّ هذه لك وهذه لرسولك ، أبايعك على ما بايعك عليه رسولك ، فمات حميدا.
فبلغ خبره أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : لو توفّى بالمدينة لكان أتمّ أجرا وقال المشركون وهم يضحكون ما أدرك هذا ما طلب ، فنزلت.
وفيها دلالة على أنّ كلّ هجرة لغرض دينيّ من طلب علم أو حجّ أو جهاد أو فرار إلى بلد يزداد فيه طاعة أو قناعة أو زهدا في الدّنيا أو ابتغاء رزق طيّب فهي هجرة إلى الله ورسوله ، وإن أدركه الموت في طريقه فأجره واقع على الله ، إذ الظاهر أنّ المراد من الهجرة إلى الله ورسوله طلب مرضاته كما يقتضيه ظاهر الإضافة.
وروى العيّاشيّ بإسناده (١) عن محمّد بن أبي عمير قال : لمّا مات جعفر الصادق عليهالسلام وجّه زرارة ابنه عبيدا إلى المدينة يستخبر له عن أبي الحسن موسى عليهالسلام فمات قبل أن يرجع إليه عبيد ابنه ، قال محمّد بن أبي عمير : حدّثني محمّد بن حكيم قال ذكرت لأبي الحسن موسى عليهالسلام زرارة وتوجيهه ابنه عبيدا إلى المدينة فقال عليهالسلام إنّى لأرجو أن يكون زرارة بن أعين ممّن قال الله تعالى (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) الآية.
وكذا يندرج في ذلك الخروج إلى زيارة الأئمّة صلوات الله عليهم ، بل زيارة الإخوان في الله ، بل الذّهاب إلى صلة الرّحم ، ونحوه ممّا أمر الشّارع به من الطّاعات.
__________________
(١) العياشي ج ١ ص ٢٨٠ الرقم ٢٥٣ وعنه المجمع ج ٢ ص ١٠٠ والبرهان ج ١ ص ٤٠٩ ونور الثقلين ج ١ ص ٤٤٩ بالرقم ٥٢٦.