مثلا : إذا علمنا بوجود زيد في البيت ، فحصل لنا العلم بوجود كلي الإنسان في البيت ، ثمّ بعد مدّة شككنا في بقاء الإنسان في البيت وعدم بقائه لأجل الشك في بقاء زيد ، فلو فرضنا أنّ المولى قال : إذا كان زيد في البيت فتصدّق بدرهم ، وإذا كان الإنسان فيه تصدّق بثوب ، فإن أجرينا الاستصحاب في نفس زيد ـ لأنه أيضا كان معلوما وجوده والآن شككنا في بقائه ـ كان هذا استصحابا للجزئي ، فبناء على هذا الاستصحاب يجب التصدّق بدرهم ، وإن أجرينا الاستصحاب في الإنسان ـ الّذي كان معلوم الوجود لكن في ضمن زيد والآن شككنا في بقائه ـ كان هذا استصحابا للكلّي ، وبمقتضى هذا الاستصحاب يجب التصدّق بثوب.
وهذا هو القسم الأوّل من استصحاب الكلّي.
٢ ـ أن يكون المستصحب ـ أي مورد الاستصحاب ـ كلّيا ، ولكن منشأ الشكّ في بقائه تردّد الفرد الّذي تحقّق الكلّي في ضمنه بين فرد نقطع بارتفاعه وفرد نعلم ببقائه.
مثلا : إذا علمنا بدخول حيوان في الغرفة وشككنا في أنّه بعوضة أو غراب ، مع الفرض بأنّ البعوضة لا تعيش أزيد من ثلاثة أيام ، ثمّ في اليوم الرابع شككنا في بقاء الحيوان الّذي قد تحقّق جزما إمّا في ضمن بعوضة أو في ضمن غراب ، وهذا الشكّ في بقاء الحيوان إنّما نشأ من الشكّ في أنّ الفرد الّذي تحقّق به الحيوان كان بعوضة أو غرابا ، فإن كان البعوضة فالحيوان غير موجود جزما ، وإن كان الغراب فهو موجود جزما. فبالنتيجة شككنا في بقاء الحيوان الكلّي الّذي تردّد فرده بين الغراب والبعوضة.
وأمّا الاستصحاب في خصوص بقاء البعوضة فغير ممكن ؛ لأنّا لم نعلم بوجودها ، كما لا يعقل الاستصحاب في خصوص الغراب كذلك ؛ لأنّا لم