وبين خصوص عدم الابصار مع وجود العين ، فانه ان اريد اثبات اختصاصه بالثانى بدعوى صحة سلب العمى عمن لا عين له فيقال : ـ حينئذ ـ ان اريد بصحة السلب صحة سلب العمى بالمعنى المطلق ، فهو ممنوع. ضرورة صحة حمله بهذا المعنى وان اريد بها صحة سلبه بالمعنى الثانى ، وهو عدم البصر مع فرض وجود عين له ، فهو وان كان صحيحا ، لكنه غير مفيد. لان صحة سلب المقيد لا يدل على ان اللفظ لم يوضع للاعم ، لان سلب الاخص لا يلازم سلب الاعم ، واما فى المقام فلا يتم ذلك ، لان المتبادر العرفى من المشتق خصوص المتلبس ، واذا صح سلبه بما له من المعنى عمن انقضى عنه المبدأ ـ كما ندعيه ـ فهو من باب السلب المطلق وهو آية كونه مجازا فيه ، وحقيقة فى غيره.
الثالث ـ لو قلنا : بوضع الهيئة للاعم لزم اجتماع الضدين ، حين صدق كلا الوصفين على الذات ، فان المشتقات كالمبادى ، فكما لا يصدق السواد والبياض ، على شىء واحد فى آن واحد للتضاد بينهما ، كذلك المشتقات يحصل التضاد بينهما. فلا يقال : هذا قائم وجالس. ففرض الوضع للاعم ، وصيرورة الاطلاق حقيقيا فى كل منهما ، يستلزم اجتماع الضدين ، وهو محال. فيختص الوضع بخصوص المتلبس لا محالة.
ولا يخفى : ان المعتبر فى تحقق التضاد ـ اى مورد كان ـ وحدة الزمان ـ كما عرفت من اعتبار الوحدات الثمان او التسع ـ ومع الاختلاف فيه ينتفى التضاد بالمرة فيقال : كان زيد قائما فى الامس اما الآن فهو جالس. كما انه يعتبر فيه ان يكون الاطلاق فى كلا الحملين حقيقيا ، فاذا كان فى احدهما بالعناية ، وفى الآخر حقيقة ، كما فى مثل ـ زيد اسد وزيد انسان ، فلا يتم التضاد بينهما.