سبحانه وتعالى ، وانه معاقب على ما هو بالاختيار. والحاصل ان هنا فرقا ثلاث :
(المجبرة) وهى التى تدعى ان الافعال الصادرة من العبيد ليست صادرة عن اختيارهم ، وارادتهم. بل هى بارادة الله تعالى ، وقد اضطر العبد الى العمل ، واصبح مجبورا فى حركاته وسكناته. فهو كالآلة بيد غيره ، ومعنى هذا نفى العدالة عنه تعالى. لان لازمه العقاب على ما ليس بالاختيار. وقد عرفت ـ مما تقدم ـ بطلان هذا القول. وجدانا للفرق بين حركة نبضنا ، وحركة اصبعنا وان الثانية غير الاولى ، وللعبد اختيار الفعل ، والترك. وبرهانا كما تقدم تفصيله.
(المفوضة) وهى التى تدعى ان الفعل يصدر من العبد استقلالا ففى مرحلة الحدوث يفتقر الى قدرة من قبل الله ـ سبحانه وتعالى ـ ولكن فى مرحلة البقاء ، والآنات المتاخرة لا يحتاج العبد فى عمله الى علة جديدة ، بل العلة الاولية كافية فى بقاء الاختيار له حتى النهاية. فصار يعمل ما يشاء باختياره ، ويفعل ما يريد بقدرته ، وقد جعل الله تعالى فى معزل من الامر. وهذا يبتنى ـ كما عرفت ـ على الاكتفاء بحدوث العلة بقاء ، واستغناء الممكن فى الآنات المتاخرة عن المؤثر. نعم لا يضايق المفوضى من الالتزام بقدرة الله على إماتة العبد ، او على سلب قوة من قواه حتى لا يتمكن العبد من ايجاد الفعل خارجا ، وهذا ـ وان صحح استحقاق العبد العقاب ، من قبل الله سبحانه وتعالى ـ لانه عقاب على ما هو بالاختيار ، إلّا انه يستلزم استقلال العبد فى عمله ، ونفى السلطنة عنه تعالى. وقد عرفت ـ مما تقدم ـ بطلان هذا القول ايضا.
(الشيعة) ـ وهى التى تقول بالامر بين الامرين ، وتدعى ان العمل