حاجاتها ازدادت تبعا لذلك لغتها الخاصة. إذا فالحاجة هى التى تفرض على المجتمع وضع التعابير والالفاظ ، فأبونا آدم عليهالسلام وزوجته عاشا فى عصر لم تفرض عليهما الحاجة اكثر من كلمات معدودة يقضيان بها حاجتهما ، ولكن الاجيال المتعاقبة اخذت تخترع لها الفاظا حسبما تمليه عليها مقتضيات زمانها وتفرضه عليها متطلبات عصرها.
وبذلك يظهر الجواب عما ذكره اولا من تأييد القول بان الواضع هو الله سبحانه وتعالى فانه يتم اذا كان الوضع دفعيا وفى زمان معين من شخص واحد أو من جماعة مخصوصين واما إذا كان تدريجيا حسبما تقتضيه الحاجة ، فلا محذور فى تصدى البشر له ، بل هو الواقع فى الخارج كما عرفت. وبه يندفع ما ذكره من التأييد الثانى ، باعتبار ان الواضع ليس شخصا واحدا ليتصدى التاريخ الى ذكره ، بل الوضع ـ كما قلنا ـ ينشأ من احتياج كل أمة الى الفاظ تعبر بها عن مقاصدها فى مقام التفهيم لتنظيم امورها وبيان حوائجها. وهذا لا يستدعى أن يحدثنا التاريخ به.
و (اما الجهة الثالثة) ـ وهى بيان حقيقة الوضع ـ وانه هل الوضع من الامور الواقعية ، او من الامور الاعتبارية؟
(فيه اقوال)
القول الاول ـ كما عن بعض الاعاظم المحققين (قده) بتوضيح منا ـ بان الوضع من الامور الواقعية الحقيقية ، وليس من سنخ الجواهر والاعراض ، لان الاول منحصر بالامور الخمسة : العقل ، والهيولى ، والنفس ، والصورة ، والمادة. والوضع لا يعود الى واحد منها ، كما انه ليس من الثانى ، لان الاعراض منحصرة فى المقولات التسع. والوضع اجنبى عنها ، مضافا الى