اما الشيخ الانصارى (قده) فهو فى غنى عن هذا البحث لما سبق من رأيه فى القيود من انها دائما ترجع الى المادة دون الهيئة ، باعتبار ان مفاد الهيئة معنى حرفى وهو غير قابل للتقييد ومع هذا الفرض لا مجال للتردد ليحتاج لرفعه الى التمسك بدليل لفظى ، او اصل عملى ، ولكنه مع ذلك تعرض لهذه المسألة فذكر مضافا الى دليله على استحالة رجوع القيد الى الهيئة ـ دليلا آخر على ان مقتضى الاصل اللفظى ارجاع القيد الى المادة دون الهيئة ، ومن الواضح ان هذا لا يتم إلّا مع التنزل عما افاده (اولا) من استحالة رجوع القيد الى الهيئة اذ مع الاستحالة لا مجال للاستظهار ، اللهم إلّا ان يخصص فرض هذه المسألة فيما اذا كان الوجوب مستفادا من جملة اسمية فانه حينئذ لا اشكال فى امكان رجوع القيد اليه.
وكيف كان فقد افاد الشيخ (قده) وجهين فى تقريب مختاره.
الوجه الاول :
ان دليل الوجوب مشتمل على اطلاقين (احدهما) اطلاق الهيئة وهو شمولى ومعناه الوجوب ـ مثلا ـ على كل تقدير سواء حصل القيد ام لم يحصل فاذا فرض تقييد الهيئة فلا بد من رفع اليد عن الاطلاق الشمولى و (ثانيهما) اطلاق المادة وهو بدلى ومعناه طلب فرد ما من تلك الطبيعة التى تعلق بها الحكم على سبيل البدل ، اما هذا ، او ذاك ، فاذا فرض تقييدها فلا بد من رفع اليد عن الاطلاق البدلى ، ومتى تردد امر قيد فى الرجوع الى احدهما لزم التصرف فى المادة دون الهيئة ، لان الاحتفاظ ببقاء الاطلاق الشمولى خير من الاحتفاظ بالاطلاق البدلى.
ولا يخفى ـ ان تقريبه هذا منحل الى دعويين ، (اولاهما) دعوى كبروية مفادها تقديم الاطلاق الشمولى على الاطلاق البدلى و (ثانيهما)