وجهة الاستحباب النفسى هى ذات الافعال ، وقد عرفت ان اختلاف الجهة يصحح اجتماع الحكمين.
«ولا يخفى ما فيه» فان جواز الاجتماع انما يتم حيث تكون الجهة تقييدية ، اما اذا كانت تعليلية فالاجتماع غير جائز لتحققه فى ذات واحدة ، والمقام من قبيل الثانى فلا يجوز اجتماع الوجوب الغيرى ، والاستحباب النفسى فيه.
و (الصحيح فى الجواب ان يقال) : ان عروض الوجوب الغيرى على الاستحباب النفسى لا يرفع المحبوبية ، وملاكها الكامنين فى الفعل ، وانما الوجوب يرفع حد الاستحباب النفسى ، وهو الترخيص فى الترك ، فاذا كان اصل المحبوبية والملاك باقيين على حالهما ، وجاء العبد بالطهارة بداعى المحبوبية بعد الوقت فقد تحققت العبادة منه.
«الصورة الرابعة»
الاتيان بالطهارة بعد الوقت بقصد التوصل الى الواجب النفسى ، وهذا لا اشكال فى صحته ، ووقوعه عبادة ـ كما عرفت ـ
انما الاشكال فيما لو قصد المكلف التوصل بالوضوء (مثلا) الى واجب وكان غافلا عن محبوبيته النفسية ، ثم بدا له فى الاتيان بذلك الواجب فهل يقع الوضوء (حينئذ) عبادة؟
وليعلم انه على القول : بوجوب المقدمة الموصلة لا اشكال فى عدم اتصاف هذا الوضوء بالوجوب الغيرى ، وذلك لعدم التوصل به الى الواجب ، إلّا ان وقوعه قربيا لا يتوقف على الوجوب ، فان المفروض ان المكلف اتى به بداعى التوصل به الى الواجب ، وهذا المقدار محقق لعباديته فلا اثر لترتب الواجب عليه وعدمه ، واما على القول بوجوب المقدمة مطلقا فالامر واضح.