«الدليل الثانى»
تجويز العقل بتصريح الآمر بعدم ارادة غير المقدمة الموصلة ، وجواز هذا التصريح دليل على وجوب خصوص الموصلة ـ مثلا ـ للمولى ان يقول لعبده اريد الحج ، واريد المسير الذى يوصل الى بيت الله الحرام ، ولا اريد المسير الذى لا يوصل ، ومن الواضح ان المولى لا يتمكن من القول بعدم ارادة جميع المقدمات الموصلة وغيرها ، وكذا لا يسوغ له التصريح بعدم ارادة خصوص المقدمة الموصلة ؛ وهذا آية اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة.
«الدليل الثالث»
ان الغرض من ايجاب المقدمة انما هو ايصالها الى الواجب ووقوعها فى سبيل حصوله ، وإلّا فلا غرض للمولى فى وجود المقدمة ، فلا جرم يكون التوصل بالمقدمة الى الواجب النفسى معتبرا فى مطلوبيتها ، والوجدان شاهد بانه اذا اشتاق الى شىء فلا يشتاق الى المقدمات التى توصله الى ما تعلقت ارادته به ، فالاتيان بالطبيب الى المريض انما يكون محبوبا حيث يوصل الى تداويه ، واما زيارته الى داره ، وعدم مداواته له ، فهو خال عن المحبوبية ، وهكذا سائر الامثلة مما كان الوجدان حاكما فيها بعدم محبوبية غير الموصل من المقدمات.
هذا وقد ناقش صاحب الكفاية (ره) فى الادلة الثلاثة المتقدمة.
«اما مناقشته فى الاول» ـ فحاصله : ان العقل لا يفرق فى الحكم بالملازمة بين المقدمة الموصلة وغيرها ، وذلك لوجود الملاك فى جامع المقدمة وطبيعتها وهو التمكن من اتيان الواجب ، وتوقف القدرة على الاتيان بالواجب عليها فلا وجه لاختصاص الوجوب بالموصلة.