والتحقيق أن يقال : إنه لا بد فى كل قضية حملية الاتحاد من جهة والتغاير من جهة بين المحمول والموضوع ـ اما جهة الاتحاد ـ فلانه لولاه لكان من حمل المباين على مباينه وهو لا يصح قطعا. واما جهة التغاير ـ فلانه لولاه لكان من حمل الشىء على نفسه ، وهو باطل. وهذا الحمل ينقسم إلى قسمين : ذاتى أوّلى ، وشايع صناعى.
اما الحمل الذاتى ـ فهو عبارة عن حمل أحد المفهومين على الآخر ـ كما يقال : (الانسان حيوان ناطق) فجهة الاتحاد بينهما وحدتهما مفهوما ، وجهة التغاير اختلافهما من حيث الاجمال والتفصيل. فان ذات الانسان قد تتصور ـ تارة ـ بمفهوم مجمل ، وهو مفهوم الانسان. ـ وأخرى ـ بمفهوم تفصيلى ، يشتمل على جهة اشتراك وامتياز. وهو مفهوم الحيوان الناطق.
فلو ألفنا قضية من ذلك فقد حملنا مفهوما متصورا تفصيلا على مفهوم متصور إجمالا. فالحمل الذاتى لا يفيد إلا حمل احد المفهومين على الآخر.
وأما الحمل الشائع الصناعى ـ فهو عبارة عن حمل شىء على شىء آخر متحد معه وجودا كحمل الكليات على افرادها ، أو الماهيات على أصنافها ، وانواعها ، كما يقال : (زيد انسان ، أو الانسان حيوان) فان الاتحاد بين الموضوع والمحمول : انما هو من حيث الوجود الخارجى بمعنى ان وجود أحدهما فى الخارج عين الآخر.
واما التغاير فهو بين المفهومين ، فان المفهوم من كلمة ـ زيد ـ غير المفهوم من كلمة الانسان.
اذا عرفت هذا فنقول : اما كون عدم صحة السلب علامة على الحقيقة فى الحمل الذاتى فهو موقوف على معرفة مفاد ذلك الحمل ، والذى يظهر منه ان ما تفيده جملة (الانسان حيوان ناطق) هو ان المحمول ـ بحسب