ذلك ، فهى حقيقة فى الاول دون الثانى.
ففيه ما لا يخفى ، فان مرحلة التطبيق ليس لها مدخلية فى تعيين الحقيقة.
(بيان ذلك) ان اللفظ متى انطبق على جميع أفراد ذلك المعنى ـ بحيث كان كل ما يصدق عليه شجاع يستعمل فيه الاسد حتى النملة الشجاعة ـ فبالضرورة نستفيد ان لهذا المعنى سعة وعموما ، وليس فيه ناحية خاصة. وان لم ينطبق على الجميع وكان مستعملا فى بعض الافراد دون بعض. فنستكشف إنّا ضيق المعنى لا سعته ، وشموله واستفادة هذا المعنى لا تكون وسيلة لمعرفة انه حقيقة أو مجاز ، وإن كلمة الاسد وضعت لكل شجاع ، او لم توضع له بل المستفاد ـ كما عرفت ـ سعة المعنى وضيقه.
نعم ربما يكون (الاطراد) موجبا للاطمئنان بالحقيقة ، كما لو اشتملت الجملة على خصوصية ـ مثل رأيت أسدا يرمى ـ وتردد امرنا فيما استفدناه من كلمة الاسد ـ وهو الرجل الشجاع ـ بين كونه من حاق اللفظ ليكون موضوعا له ، أو من الخصوصية الموجودة؟ فلو أردنا معرفة هذا المعنى فلا بد من إلغاء هذه الخصوصية ، والاتيان بخصوصية أخرى ـ مثل رأيت اسدا يأكل او يمشى ـ فان وجدنا اللفظ مطردا فى المعنى بحيث يستفاد منه ذلك من دون عناية فى الجميع لا محالة يحصل لنا الاطمئنان باستناد الفهم الى حاق اللفظ لا إلى الخصوصية لاختلافها. وإن وجدناه غير مطرد فالاطمئنان يحصل باستناد الفهم الى الخصوصية التى هى القرينة على المراد.
والظاهر أن الوسيلة التى يستكشف بها المعنى من بين سائر اللغات هى هذه الطريقة المذكورة. فان الاجنبى عن اللغة يقف على محاورة أهل لغة خاصة ، فيراهم يفهمون الجسم السائل من كلمة (الماء) إذا قال أحدهم :