(أوفوا بالعقود) (وأحل الله البيع) (وتجارة عن تراض) وكقوله صلىاللهعليهوآله (النكاح سنتي) (والصلح جائز) ونحو ذلك على المفاهيم التي قد استقرت عندهم ، وجرى ديدنهم عليها ، فانه صلىاللهعليهوآله لم يتصرف فيها لا لفظاً ولا معنى ، وتكلم بما تكلموا به من الألفاظ ، واللغات ، إذاً تكون تلك الأدلة مسوقة لإمضاء المعاملات العرفية العقلائية ، وحيث أن المعاملات عندهم قسمان فعلى ، وقولي إلا في بعض الموارد فتلك الأدلة تدل على إمضاء كلا القسمين إلا في بعض الموارد الخاصة التي اعتبر الشارع فيها اللفظ ، أو اللفظ الخاصّ ، كما في الطلاق ، والنكاح ، وما يشبههما وعليه فان دل دليل من قبل الشارع على اعتبار شيء جزء ، أو قيداً فنأخذ به ، وان شككنا فيه فنتمسك بإطلاقات تلك الأدلة ، ونثبت بها عدم اعتباره.
ومن هنا يظهر فساد ما ربما يورد على الشهيد ـ قده ـ حيث قال : «ان الماهيات الجعلية كال «صلاة» وال «صوم» وسائر العقود حقيقة في الصحيح ، ومجاز في الفاسد إلا الحج ، لوجوب المضي فيه» مع انه ـ قده ـ كغيره يتمسك بإطلاقات المعاملات ، والحال ان الصحيحي لا يمكنه التمسك بها لإجمال الخطاب. ووجه الفساد هو ما عرفت من انه لا مانع من التمسك بإطلاقات المعاملات على القول بالصحيح ، كما عرفت.
وعلى الجملة فالمعاملات المأخوذة في موضوع أدلة الإمضاء كالبيع ، ونحوه معاملات عرفية عقلائية ولم يتصرف الشارع فيها أي تصرف لا من حيث اللفظ ، ولا من حيث المعنى ، بل أمضاها بما لها من المفاهيم التي قد استقر عليها الفهم العرفي وتكلم بالألفاظ التي كانت متداولة بينهم في محاورتهم قبل الشريعة الإسلامية ، فحينئذ ان شك في اعتبار أمر زائد على ما يفهمه العرف والعقلاء فنتمسك بإطلاق الأدلة وننفي بذلك اعتباره ، كما انه لم يكن معتبراً عند العرف ، إذ لو كان معتبراً للزم على الشارع المقدس بيانه وحيث انه صلىاللهعليهوآله كان في مقام البيان ولم يبين فعلم عدم اعتباره.