في مبحث النهي عن المعاملات حيث قال : بعد ما حكى عن أبي حنيفة والشيباني دلالة النهي على الصحة «والتحقيق انه في المعاملات كذلك إذا كان عن المسبب أو التسبيب لاعتبار القدرة في متعلق النهي كالأمر ولا يكاد يقدر عليهما إلا فيما إذا كانت المعاملة مؤثرة صحيحة» وكيف كان فاحتمال أن يكون المسبب هو الإمضاء الشرعي فاسد قطعاً. وعلى جميع التقادير المذكورة لا يتم إشكال عدم التلازم بين إمضاء المسبب وإمضاء سببه.
أما بناء على أن يكون المسبب عبارة عن الاعتبار القائم بالنفس فلا محالة يتعدد المسبب بتعدد مبرزه خارجاً ـ مثلا ـ لو اعتبر زيد ملكية داره لشخص فأبرزها باللغة العربية ، واعتبر ملكية بستانه لآخر فأبرزها باللغة الفارسية ، واعتبر ملكية فرسه لثالث فأبرزها بالمعاطاة ، واعتبر ملكية كتابه لرابع فأبرزها بالكتابة ، أو الإشارة ، فهنا اعتبارات متعددة خارجاً ، وكل واحد منها يباين الآخر لا محالة ، وان كان الجميع صادراً من شخص واحد فضلا عما إذا صدر عن اشخاص متعددة ، كما إذا باع زيد فرسه بالصيغة العربية ، وباع عمرو داره بالصيغة الفارسية ، وباع ثالث كتابه بالمعاطاة ... وهكذا. حيث لا شبهة في أن الاعتبار القائم بزيد المبرز في الخارج بالصيغة العربية يباين كلا من الآخرين ، وكذا كل واحد منها بالإضافة إلى الآخرين.
وعلى ذلك فإذا فرضنا ان الشارع أمضى الاعتبار المبرز في الخارج باللغة الفارسية أو بالمعاطاة فلا محالة أمضى المعاطاة أو الصيغة الفارسية التي يعبر عنها بالسبب ، وإلا لكان إمضائه بدون إمضائها لغواً محضاً ، بداهة انه لا معنى لأن يمضى الشارع الملكية المبرزة بالمعاطاة ولا يمضى نفس المعاطاة ، ويمضى الملكية المظهرة بالعقد الفارسي ولا يمضى نفس هذا العقد ... وهكذا ، فان معنى عدم إمضاء الشارع هذا السبب عدم حصول الملكية به خارجاً ، وهذا مناقض لحصولها به وإمضاء الشارع إياها.