عبدة الأوثان للخلافة غير مبتن على كون المشتق موضوعاً للأعم ، ليصدق على من انقضى عنه المبدأ حقيقة ، بل هو مبتن على نزاع آخر أجنبي عن نزاع المشتق. وهو ان العناوين التي تؤخذ في موضوعات الأحكام ، ومتعلقاتها في القضايا الحقيقية هل تدور الأحكام مدارها حدوثاً وبقاء؟ أم تدور مدار حدوثها فقط؟ والصحيح ان الأحكام المترتبة على تلك العناوين تختلف حسب اختلاف الموارد ومقتضياتها ، ففي غالب الموارد تدور مدارها حدوثاً وبقاء ، وهذا هو المتفاهم منها عرفاً ، فإذا ورد النهي عن الصلاة خلف «الفاسق» يفهم منه عرفاً ان عدم جواز الاقتداء به يدور مدار فسقه حدوثاً وبقاء ، فلو انتفى عنه الفسق فلا محالة ينتفي الحكم المترتب عليه أيضاً.
وفي بعض الموارد لا يدور بقاء الحكم مدار بقاء عنوان موضوعه بل يبقى بعد زوال العنوان أيضاً ، فالعنوان وان كان دخيلا في حدوث الحكم إلا انه لا دخل له في بقائه (ويعبر عنه بان حدوثه علة محدثة ومبقية) وهذا كما في آيتي الزنا ، والسرقة ، فان وجوب القطع ، والجلدة يحدثان عند حدوث التلبس بهذين المبدأين ، ولكنهما لا يدور ان مدار بقاء العنوان ـ أصلا ـ ولا دخل لهذا بوضع المشتق للأعم ، أو للأخص.
وبتعبير واضح : ان العناوين التي تؤخذ في القضايا على أنحاء ثلاثة :
(الأول) : ان تلاحظ معرفة إلى الأفراد ، ومشيرة إليها من دون كونها دخيلة في الحكم أصلا. وهذا يتفق في القضايا الخارجية ، فان العناوين التي تؤخذ فيها قد تلاحظ معرفة إلى الافراد ، فيقال (صل خلف ابن زيد) فعنوان ابن زيد مد أخذ معرفاً إلى ما هو الموضوع في الواقع بلا دخل له في الحكم.
(الثاني) : تلاحظ دخيلة في الحكم بمعنى أن الحكم يدور مدارها حدوثاً وبقاء ، وهذا هو الظاهر عرفاً من العناوين المأخوذة في القضايا الحقيقية ، فقوله عز من قائل (فاسئلوا أهل الذّكر ان كنتم لا تعلمون) ظاهر في أن وجوب السؤال