صفة الطريقية والكاشفية لشيء وجعله علماً للمكلف شرعاً بعد ما لم يكن كذلك. وهذا وان استلزم إثبات السنة وانكشافها شرعاً ـ وهو من عوارضها ولو أحقها ـ ، إلا انه ليس هو المبحوث عنه في هذه المسألة ، وإنما المبحوث عنه فيها طريقية خبر الواحد وجعله علماً تعبداً ؛ ومن الواضح انها من عوارض الخبر دون السنة. والثبوت التعبدي بناء على ما سلكه المشهور عبارة عن إنشاء الحكم الظاهري على طبق الخبر ، وهو أيضاً من عوارضه دونها كما هو ظاهر. ومنه يظهر الحال على ما سلكه المحقق صاحب الكفاية من انه عبارة عن جعل المنجزية والمعذرية ؛ فانهما أيضاً من عوارضه وصفاته لا من عوارضها ، وهو واضح.
فتحصل ان البحث في هذه المسألة على جميع المسالك بحث عن عوارض الخبر لا عن عوارض السنة الواقعية. على ان ما أفاده ـ قده ـ لو تم فانما يتم في خصوص هذه المسألة دون غيرها ، وقد عرفت ان الإشكال المزبور غير منحصر فيها.
ولذلك عدل صاحب الكفاية ـ قده ـ عن مسلك المشهور وذهب إلى ان موضوع العلم عبارة عن : (جامع مقولي واحد بين موضوعات مسائله).
ولكن قد مر الكلام في هذا مفصلا وذكرنا هناك انه لم يقم برهان على لزوم موضوع كذلك في العلوم فضلا عن علم الأصول ، بل سبق منا انه لا يعقل وجود جامع ذاتي بين موضوعات مسائله لتباينها تبايناً ذاتياً.
ثم ان أبيت إلا ان يكون لكل علم موضوع ولو كان واحداً بالعنوان كعنوان (الكلمة والكلام) في علم النحو ؛ وعنواني (المعلوم التصديقي والتصوري) في علم المنطق ؛ وعنوان (فعل المكلف) في علم الفقه وهكذا ، فأقول : ان موضوع علم الأصول هو : (الجامع الّذي ينتزع من مجموع مسائله المتباينة) كعنوان ما تقع نتيجة البحث عنه في طريق الاستنباط وتعيين الوظيفة في مقام العمل.