إرادته تحتاج إلى عناية زائدة ، كما هو الحال في قولهم : (شريك الباري ممتنع) ، و (اجتماع النقيضين مستحيل) ، و (المعدوم المطلق لا يخبر عنه) ، فان المحكوم به بهذه الأحكام معنونات هذه الأمور لا مفاهيمها فانها غير محكومة بها ، كيف وأنها موجودة وغير معدومة ولا ممتنعة.
تحصل مما ذكرناه : أن الحروف موضوعة لأنحاء النسب والروابط مطلقاً سواء كانت بمفاد (هل المركبة) ، أم بمفاد (هل البسيطة) ، أم كانت من النسب الخاصة المقومة للاعراض النسبية ، ككون الشيء في الزمان أو المكان ، أو نحو ذلك.
واما الموضوع بإزاء مفاهيمها فهي ألفاظ النسبة والربط ونحوهما من الأسماء ، المحكية عنها بتلك الألفاظ ، لا بالحروف والأدوات. هذا ملخص ما أفاده شيخنا المحقق ـ قدسسره ـ.
أقول : يقع الكلام هنا في مقامين :
المقام الأول : في ان للنسبة والربط وجود في الخارج في مقابل وجودي الجوهر والعرض ، أم لا؟
المقام الثاني : على تقدير تسليم ان لها وجوداً ، فهل الحروف موضوعة لها؟
اما الكلام في المقام الأول : فالصحيح هو انه لا وجود لها في الخارج في قبال وجود الجوهر أو العرض ، وان أصر على وجودها جماعة من الفلاسفة.
والوجه في ذلك هو انه لا دليل على ذلك سوى البرهان المذكور وهو غير تام ، وذلك لأن صفتي اليقين والشك وان كانتا صفتين متضادتين فلا يكاد يمكن أن تتعلقا بشيء في آن واحد من جهة واحدة ، إلا ان تحققهما في الذهن لا يكشف عن تعدد متعلقهما في الخارج ، فان الطبيعي عين فرده ومتحد معه خارجاً ، ومع ذلك يمكن أن يكون أحدهما متعلقا لصفة اليقين والآخر متعلقاً لصفة الشك ، كما إذا علم إجمالا بوجود إنسان في الدار ولكن شك في انه زيد أو عمرو فلا يكشف تضادهما عن تعدد متعلقيهما بحسب الوجود الخارجي ، فانهما موجودان بوجود