.................................................................................................
______________________________________________________
المتبع عند العقلاء؟ ذكر الشيخ الأنصاري «قدسسره» : أن الإمكان أصل لدى العقلاء ، مع احتمال الامتناع وعدم الدليل عليه ، فإنهم يرتبون آثار الممكن على مشكوك الامتناع ، يقول المصنف ردا عليه : «وليس الإمكان بهذا المعنى ، بل مطلقا أصلا متبعا».
وقد أورد المصنف عليه بوجوه :
الأول : أنه لم يثبت بناء العقلاء على ذلك.
الثاني : لو سلّم بناء العقلاء فلا دليل قطعيا على هذا البناء ، والدليل الظني لا يجدي في حجية بناء العقلاء وسيرتهم ؛ إذ الكلام في إمكان حجية سيرتهم وامتناعها.
الثالث : أنه مع فعلية التعبد لا حاجة إلى البحث عن الإمكان ، كما لا فائدة في إمكان التعبد بالظن بدون دليل الوقوع ، لوضوح : أن الأثر العملي مترتب على فعلية التعبد لا على مجرد إمكانه.
فالمتحصل : أنه لا وجه لما ذكره الشيخ «قدسسره» من أن الإمكان أصل لدى العقلاء عند احتمال الامتناع ؛ بل الصحيح الالتزام بالإمكان الوقوعي ؛ لأن وقوع التعبد بالأمارة الغير العلمية أقوى دليل على إمكانه.
٦ ـ أما وجوه استحالة التعبد بالأمارة الغير العلمية ، فهي أمور تالية :
الأول : لزوم اجتماع المثلين فيما إذا أدت الأمارة إلى الحكم المماثل للحكم الواقعي. أو اجتماع الضدين من الوجوب والحرمة مثلا ، فيما إذا أدت الأمارة إلى الحكم المخالف للحكم الواقعي.
الثاني : لزوم طلب الضدين ، وهو نظير قيام الأمارة على وجوب صلاة الجمعة ، مع كون الواجب في الواقع هو الظهر ، بعد فرض التضاد ـ ولو شرعا ـ بينهما ، وطلب الضدين محال.
الثالث : لزوم تفويت المصلحة أو الإبقاء في المفسدة.
الأول : كقيام الأمارة على عدم وجوب صلاة الجمعة يومها ، مع فرض وجوبها واقعا. والثاني : كقيام الأمارة على حرمة صلاة الجمعة مع حرمتها واقعا ، فيلزم من جعل حجية الأمارة الغير العلمية تفويت المصلحة في المثال الأول ، والإلقاء في المفسدة في المثال الثاني ، وكل منهما قبيح يمتنع صدوره عن الحكيم.