الحق : أنه (١) يوجبه ؛ لشهادة الوجدان بصحة مؤاخذته ، وذمه على تجريه ، وهتكه لحرمة مولاه ، وخروجه عن رسوم عبوديته ، وكونه بصدد الطغيان ، وعزمه على العصيان ، وصحة مثوبته ، ومدحه على قيامه بما هو قضية عبوديته ، من العزم على موافقته والبناء على إطاعته.
______________________________________________________
يعني : تقدم في الأمر الأول حيث قال : لا شبهة في وجوب العمل على وفق القطع ؛ إلى أن قال : «باستحقاق الذم والعقاب على مخالفته» ؛ ولكن ما سبق في الأمر الأول هو خصوص استحقاق العقاب على المخالفة ، دون استحقاق المثوبة على الموافقة. فعطف المصنف قوله : «والمثوبة على الموافقة» على قوله : يوجب استحقاق العقوبة على المخالفة مما لا يخلو عن مسامحة.
إلا أن يقال : أن المراد بما تقدم في الأمر الأول هو قوله «وإن كان ربما يوجب موافقته استحقاق المثوبة» فإنه يفهم منه ترتب استحقاق الثواب على القطع بالحكم الفعلي بالأولوية القطعية من استحقاقه على القطع بالحكم الإنشائي.
(١) أي : القطع يوجب الاستحقاق.
وحاصل ما أفاده المصنف في المقام : إنه لا فرق في استحقاق العقوبة عقلا على مخالفة القطع بين إصابته وخطئه ، وإن عصيان المولى والتجري الذي هو قصد مخالفته يرتضعان من ثدي واحد ؛ لكون المناط فيهما ـ وهو هتك حرمة المولى والعزم على عصيانه والخروج عن رسوم عبوديته ـ واحدا ، ضرورة : إن مجرد ترك الواقع لا يوجب ذما ولا عقوبة ما لم يكن عن إرادة العصيان والطغيان على المولى ، ولذا لا عقاب قطعا على ترك الواقع في مورد الشبهات البدوية المستند إلى ترخيص الشارع.
وكيف كان ؛ فتوضيح استحقاق المتجري للعقاب يتوقف على مقدمة وهي : إن للفعل الخارجي ـ مثل شرب الخمر ـ عناوين ثلاث :
الأول : عنوان الشرب من حيث هو شرب بلا إضافته إلى شيء.
الثاني : كون هذا الشرب مضافا إلى الخمر الذي هو مبغوض المولى. بحيث يصح أن يقال هذا شرب الخمر.
الثالث : كونه مخالفة لما نهاه الشارع عنه بعد تنجّزه عليه.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : إن مناط استحقاق العقاب ليس هو الأول ، ولا الثاني.
أما الأول : فلأن استحقاقه لو كان لصدق عنوان الشرب بما هو شرب للزم استحقاقه على شرب كل مائع وهو بديهي الفساد.