طبقها والعمل على وفقها وجزم وعزم (١) ؛ وذلك (٢) لعدم صحة مؤاخذته بمجرد سوء سريرته من دون ذلك ، وحسنها معه ، كما يشهد به مراجعة الوجدان الحاكم بالاستقلال في مثل باب الإطاعة والعصيان ، وما يستتبعان من (٣) استحقاق النيران أو الجنان.
ولكن ذلك (٤) مع بقاء الفعل المتجرى به أو المنقاد به على ما هو عليه من الحسن
______________________________________________________
(١) هما من مقدمات الإرادة ، والجزم حكم القلب بأنه ينبغي صدور الفعل بدفع الموانع ، والعزم هو الميل السابق على الشوق المؤكد ، فالعزم مترتب على الجزم ، كما أن الجزم مترتب على التصديق بغاية الفعل ، والتصديق بالغاية مترتب على العلم بها ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٤١».
(٢) تعليل لعدم صحة المؤاخذة بمجرد سوء السريرة وصحتها مع العزم على المخالفة وحاصله : أن الوجدان الذي هو الحاكم في باب الإطاعة والعصيان وتوابعهما يشهد بصحة المؤاخذة على العزم على المخالفة ، وعدم صحتها على مجرد سوء السريرة ، والمشار إليه في قوله : «من دون ذلك» هو العزم والضمير في «مؤاخذته» و «سريرته» راجع على العبد.
(٣) بيان للموصول في «وما يستتبعان» ، وضمير التثنية راجع على الإطاعة والعصيان.
وحاصل الكلام : أن استحقاق النيران والجنان مترتب على العصيان والإطاعة.
(٤) أي : الذي ذكرنا من كون التجري موجبا للعقاب والانقياد موجبا للثواب ، «مع بقاء الفعل المتجرى به أو المنقاد به على ما هو عليه ، قبل عروض عنواني التجري والانقياد عليه «من الحسن أو القبح والوجوب أو الحرمة واقعا» ، هذا إشارة إلى جهة كون مسألة التجري أصولية أو فقهية.
وأما الجهة الأصولية فهي : أن القطع بوجوب فعل أو حرمته هل يوجب حدوث مصلحة أو مفسدة فيه تقتضي وجوبه أو حرمته شرعا أم لا؟
ويقول المصنف : إن الفعل المتجرى به باق على ما كان عليه واقعا من المحبوبية أو المبغوضية بتعلقه به ، وليس كالضرر والاضطرار من العناوين المغيّرة للأحكام الأولية.
وعليه : فلا يصير شرب الماء مبغوضا للشارع بسبب القطع بخمريته ، كما لا يصير قتل ولد المولى محبوبا له بسبب علم العبد بكونه عدوّا للمولى.
وكذا يقال في الجهة الفقهية : إن تعلق القطع بالمحبوبية أو المبغوضية لا يوجب اتصاف