أو القبح والوجوب أو الحرمة واقعا ، بلا حدوث تفاوت فيه بسبب تعلق القطع بغير ما هو عليه من الحكم والصفة ، ولا يغير (١) حسنه أو قبحه بجهة أصلا ، ضرورة (٢) : أن
______________________________________________________
الفعل بالوجوب أو الحرمة ، فالقطع بهما لا يؤثر في صفة الفعل المتجرى به واقعا من الحسن أو القبح ، ولا في حكمه الشرعي من الوجوب أو الحرمة.
(١) يعني : ولا يغيّر تعلق القطع بغير ما عليه الفعل المتجرى به من الحكم والصفة حسن الفعل المتجرى به أو قبحه أصلا.
(٢) هذا برهان لما ادعاه من عدم كون القطع مغيّرا لحسن الفعل وقبحه ، ولا لحكمه من الوجوب أو الحرمة أو غيرهما.
وحاصل ما أفاده يرجع إلى وجهين :
أحدهما : حكم الوجدان بعدم تأثير القطع في الحسن أو القبح والوجوب أو الحرمة ؛ إذ ليس القطع من الوجوه والاعتبارات الموجبة للحسن أو القبح عقلا ، وعدم كونه ملاكا للمحبوبية والمبغوضية شرعا ليغيّر الحكم الواقعي بسبب تعلق القطع بخلافه. وأما حكم الوجدان بذلك : فلما نجده من قبح قتل ابن المولى وإن قطع العبد بكونه عدوّا له ، وحسن قتل عدوّه وإن قطع العبد بأنه صديقه.
وثانيهما : ما أشار إليه بقوله : «مع أن الفعل المتجرى به».
وحاصله : أنه لو سلمنا كون عنوان «مقطوع المبغوضية» من العناوين المغيّرة للواقع وموجبا للقبح ؛ لكنه في خصوص المقام لا يصلح لتغيير الواقع ؛ وذلك لأن اتصاف فعل بالحسن أو القبح الفعليين منوط بالاختيار ـ وإن لم يكن اتصافه بالحسن أو القبح الاقتضائيين منوطا به ـ فإن الحسن والقبح من الأحكام العقلية المترتبة على العناوين والأفعال الاختيارية وهذا الشرط ـ أعني : الاختيار ـ مفقود هنا ؛ إذ العنوان الذي يتوهم كونه مقبحا هو القطع بالحكم كالحرمة أو الوجوب ، أو بالصفة كالقطع بخمرية مائع ، ومن المعلوم : أن القاطع لا يقصد ارتكاب الفعل إلا بعنوانه الواقعي ؛ لا بعنوان كونه مقطوعا به ، فإذا قطع بخمرية مائع وشربه فقد قصد شرب الخمر ولم يقصد شرب مقطوع الخمرية ، ومع انتفاء هذا القصد الكاشف عن عدم الاختيار لا يتصف هذا الشرب بالقبح ؛ لانتفاء مناط القبح فيه وهو قصد شرب معلوم الخمرية ؛ بل يمكن أن يقال : بانتفاء الالتفات إلى هذا العنوان الطارئ ـ أعني : معلوم الخمرية ـ بعد وضوح كون القطع كالمرآة طريقا محضا إلى متعلقه ، ومع عدم الالتفات إلى هذا العنوان يستحيل القصد إليه ، ومع امتناعه لا يتصور القصد المقوّم للاختيار.