القطع بالحسن أو القبح لا يكون من الوجوه والاعتبارات التي بها يكون الحسن والقبح عقلا ولا ملاكا للمحبوبية والمبغوضية شرعا ، ضرورة : عدم تغير الفعل عما هو عليه من المبغوضية والمحبوبية للمولى ، بسبب قطع العبد بكونه محبوبا أو مبغوضا له ، فقتل ابن المولى لا يكاد يخرج عن كونه مبغوضا له ولو اعتقد العبد بأنه عدوه ، وكذا قتل عدوه مع القطع بأنه ابنه لا يخرج عن كونه محبوبا أبدا ، هذا مع (١) أن الفعل المتجرى به أو المنقاد بما هو مقطوع الحرمة أو الوجوب لا يكون اختياريا ، فإن (٢) القاطع لا يقصده إلا بما قطع أنه عليه من عنوانه الواقعي الاستقلالي لا بعنوانه الطارئ الآلي (٣) ؛ بل لا يكون (٤) غالبا بهذا العنوان مما يلتفت إليه ، فكيف يكون (٥) من جهات الحسن أو القبح عقلا ، ومن مناطات الوجوب أو الحرمة شرعا؟ ولا (٦) يكاد يكون صفة موجبة لذلك إلّا إذا كانت اختيارية.
______________________________________________________
وبالجملة : فلا يصلح عنوان «مقطوع المبغوضية» لأن يكون موجبا لقبح الفعل ؛ لكونه غير اختياري للفاعل المتجرّي على كل حال ؛ إما للغفلة عن عنوان «المقطوعيّة» ، وإما لعدم تعلق غرض عقلائي بقصد عنوان المقطوعية ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ١٤٥».
(١) هذا إشارة إلى الوجه الثاني من الوجهين اللذين ذكرهما المصنف على ما اختاره من عدم كون القطع مغيّرا لحسن الفعل وقبحه ، وقد تقدم تفصيل ذلك فلا حاجة إلى الإعادة والتكرار.
(٢) تعليل لقوله : «لا يكون اختياريا» ، وقد عرفت بيان ذلك.
(٣) وهو كونه مقطوعا به كشرب معلوم الخمرية ، والتعبير بالآلية لأجل أن العلم آلة للحاظ متعلقه ، وطريق إليه في قبال لحاظه مستقلا ، وضمير بعنوانه راجع على الفعل المتجرى به أو المنقاد به.
(٤) أي : بل لا يكون الفعل المتجرى به أو المنقاد به بعنوانه الطارئ الآلي مما يلتفت إليه ، فلا يكون ارتكابه بهذا العنوان اختياريا له ، وقصد المصنف بذلك : إن انتفاء الاختيار غالبا لأحد أمرين : أحدهما : انتفاء القصد ، والآخر : انتفاء الالتفات ، وقد يكون من وجه واحد وهو انتفاء القصد.
(٥) أي : لا يكون الفعل المتجرى به أو المنقاد به بهذا العنوان الطارئ الآلي ـ مع كونه مغفولا عنه ـ من جهات الحسن أو القبح.
(٦) الواو للحال ، يعني : والحال أنه لا يكاد يكون صفة موجبة لذلك ـ أي : للحسن