الفعل الصادر بهذا العنوان (١) بلا اختيار.
إن قلت (٢) : إن القصد والعزم إنما يكون من مبادئ الاختيار ، وهي ليست باختيارية ؛ وإلا لتسلسل.
قلت (٣): ـ مضافا إلى إن الاختيار وإن لم يكن بالاختيار ، إلا إن بعض مباديه غالبا
______________________________________________________
وأما إذا ترتب الاستحقاق على مجرّد القصد لم يلزم منافاة بين الاستحقاق وبين عدم اختيارية عنوان «معلوم الوجوب أو الحرمة» مثلا.
(١) أي : بعنوان أنه مقطوع حتى يقال : إنه «بلا اختيار» ، ولا يصح العقاب على الأمر الغير الاختياري.
(٢) وهذا الإشكال راجع على الجواب عن الإشكال السابق بتقريب : أنه لا بد أن يكون استحقاق العقوبة على نفس الفعل المتجرى به ؛ لا على قصد العصيان كما قلتم في الجواب عن الإشكال المتقدم ؛ لأن العقاب على قصد العصيان عقاب على أمر غير اختياري ، فإن القصد يكون أمرا غير اختياريّ بتقريب : أن القصد من مبادئ الفعل الاختياري الذي يتوقف على العزم والإرادة اللذين إن كانا اختياريين يجب أن يكونا مسبوقين بعزم وإرادة آخرين ، فيلزم الدور أو التسلسل ؛ إذ لو كانت الإرادة الثانية بالإرادة الأولى لزم الدور ، وإن كانت بالإرادة الثالثة والثالثة بالإرادة الرابعة إلى ما لا نهاية لزم التسلسل ، وكلاهما باطل.
وإن كانت الإرادة الثانية اضطرارية : لكانت الإرادة الأولى أيضا اضطرارية ؛ لأنهما مثلان وحكم الأمثال فيما يجوز ولا يجوز واحد ، ولازم ذلك : أن يكون العقاب بالآخرة على أمر غير اختياري.
فالنتيجة : أنه لا يصح العقاب على القصد ، كما في الجواب عن الإشكال.
(٣) وقد أجاب المصنف عن الإشكال المزبور بوجهين : أحدهما : حلي ، والآخر : نقضي.
وقد أشار إلى الوجه الأول بقوله : «مضافا». وحاصله : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٥٠» ـ أن الاختيار وإن لم يكن بجميع مباديه اختياريا ؛ لاستلزامه الدور أو التسلسل كما تقدم ، إلا إنه لما كان بعض مباديه اختياريا صحّت إناطة الثواب والعقاب به ، وتوضيحه : إن ما يرد على القلب قبل صدور الفعل في الخارج أمور :
الأول : حديث النفس ، وهو خطور العمل كشرب الخمر ويسمى بالخاطر.
الثاني : خطور فائدته.