وإذا انتهى الأمر إليه (١) يرتفع الإشكال وينقطع السؤال بلم ، فإن الذاتيات ضروري (٢) الثبوت للذات ، وبذلك (٣) أيضا ينقطع السؤال عن أنه لم اختار الكافر والعاصي الكفر والعصيان والمطيع والمؤمن الإطاعة والإيمان؟ فإنه يساوق السؤال عن أن الحمار لم يكون ناهقا والإنسان لم يكون ناطقا (٤)؟
______________________________________________________
ببعض مباديه ، وهذا المقدار يكفي في رفع الإشكال المذكور.
(١) أي : إلى الذاتي.
(٢) الصواب : ضرورية الثبوت.
(٣) أي : بانتهاء الأمر إلى النقصان الذاتي ينقطع السؤال أيضا بأن المؤمن والمطيع والعاصي والكافر لم اختاروا الإيمان والإطاعة والكفر والعصيان ؛ لانتفاء الأمر في الجميع إلى الكمال والنقصان الذاتيين اللذين لا ينفكان عن الذات ؛ كناطقية الإنسان وناهقية الحمار ؛ ولكن هذا الكلام من المصنف «قدسسره» مناف لأصول مذهب أتباع أهل البيت القائلين بنفي الجبر والتفويض ، وإثبات الأمر بين الأمرين.
(٤) وفي هامش «منتهى الدراية ، ج ٤ ، ص ٥٤ ـ ٥٥» ـ ما لفظه :
«لا يخفى : أن مرجع ما ذكره دعويان لا يمكن الالتزام بشيء منهما.
الأولى : إن الفعل الصادر تجريا ليس بعنوان كونه مقطوع الحرمة اختياريا ؛ لأنه بهذا العنوان مغفول عنه.
الثانية : أن مناط استحقاق العقوبة ـ وهو العزم على التمرد والطغيان ـ غير اختياري ، لانتهائه إلى الشقاوة الذاتية التي لا تعلل.
وفي كلتا الدعويين ما لا يخفى ؛ إذ في الأولى : أن الملتفت إليه أولا وبالذات هو نفس القطع ، والالتفات إلى المقطوع به إنما يكون بواسطته ، فالقطع كالنور في كونه هو المرئي أولا وبالذات وأن الأشياء ترى بسببه ، ومع أصالته في إضاءة الأجسام كيف يغفل عنه؟ نعم ؛ لا بأس بإنكار الالتفات التفصيلي غالبا ؛ لكنه ليس إنكارا لأصل الالتفات ولو إجمالا ، بل الالتفات التفصيلي في بعض الموارد كالأحكام الشرعية مما لا يقبل الإنكار.
وبالجملة : فالفعل المتجرى به من جهة مصداقيته لهتك حرمة المولى قبيح عقلا ، ومنع قبحه لعدم كونه بعنوان مقطوع الحرمة اختياريا ، حيث إنه بهذا العنوان مغفول عنه غير سديد ؛ لما مر آنفا.
وفي الثانية : أن مناط استحقاق العقوبة هو نفس الفعل المتجرى به الذي هو فعل صادر