على أنه لا يصلح لمعارضة ما ذكرنا ، وما في جملة من الأخبار من الأمر بغسل واحد لمن مات جنبا فهو محمول كما هو الظاهر منه على إرادة عدم تعدد الغسل للجنابة والموت ، بل يغسل غسل الميت فقط ، وهو غسل واحد وإن كان مشتملا على أغسال متعددة ، إذ كل واحد منها كغسل عضو من البدن بناء على ما اخترناه سابقا ، ولذا قال في المختلف بعد ذكره ذلك مستندا لسلار : « وليس بدال على صورة النزاع ، لأن غسل الميت عندنا واحد إلا أنه يشتمل على ثلاثة أغسال » انتهى.
فلا ينبغي الإشكال حينئذ في ضعف ما ذهب إليه سلار كضعف ما ذهب إليه ابنا حمزة وسعيد على ما يظهر لي من عبارتهما من استحباب الخليطين ، حيث قال الأول : « وما يتعلق به الغسل فأربعة أضرب : واجب ومندوب ومحظور ومكروه ، فالواجب ستة أشياء ـ إلى أن قال ـ : وتغسيله ثلاث مرات على ترتيب غسل الجنابة وهيئته ـ ثم قال ـ : والمندوب سبعة وعشرون شيئا ـ إلى أن قال ـ : وغسله أولا بماء السدر ، وثانيا بماء جلال الكافور ، وثالثا بماء القراح » انتهى. وأصرح منه عبارة الثاني حيث قال بعد ذكره ما ذكره الأول من الأمور الأربعة الواجب والمندوب والمكروه والمحظور : « وإن من الواجب غسله ثلاثة أغسال على صفة غسل الجنابة ـ إلى أن قال ـ : ويستحب إضافة قليل سدر إلى الماء الأول ونصف مثقال من كافور إلى الثاني » انتهى. ومن هنا حكى عنهما كاشف اللثام ما ذكرناه ، لكن في المختلف والذكرى أنه يلوح من ابن حمزة الخلاف في الترتيب ، وهو وإن كان ما نقلاه لازما لما ذكرنا إلا أنه ظاهر في كونهما موجبين للخليطين ، لكنهما لم يوجبا الترتيب ، وهو عين ما سمعته من عبارتيهما.
وكيف كان فلا ريب أن الأقوى وجوب الخليطين والترتيب ، بل لم نجد خلافا في الثاني عدا ما سمعته من المحكي عن ابن حمزة ، وقد عرفت ما فيه ، ويدل عليهما ـ مضافا إلى الإجماعين السابقين المعتضدين بالتتبع لكلمات الأصحاب ، وبالاحتياط