كالمقتول اتفاقا (١) أو كان عينا من عيونهم أو نحو ذلك ، إلا أن غيره من الأخبار مما اشتملت على التعبير بالقتل في سبيل الله شاملة له ، ولعله الأقوى ، لإطلاق جميع الأصحاب بالنسبة الى ذلك ، فيمكن حينئذ تنزيل قوله : « ما بين الصفين » على ما لا ينافيه وان كان هو أخص منه ، فتأمل.
ويشترط مضافا الى ما ذكرنا من معنى الشهيد أن يكون قد مات في المعركة كما صرح به جماعة من الأصحاب ، بل نسبه غير واحد إليهم مشعرا بدعوى الإجماع عليه ، بل في مجمع البرهان كان دليله الإجماع ، وفي التذكرة « الشهيد إذا مات في المعركة لا يغسل ولا يكفن ، ذهب إليه علماؤنا أجمع » ونحوه في ذلك المعتبر والغنية والخلاف بل صرح في الأخير بأنه إذا خرج من المعركة ثم مات بعد ساعة أو ساعتين قبل تقضي الحرب حكمه حكم الشهيد ، واستحسنه في المنتهى ، وقضية هذا الإطلاق عدم الفرق في ذلك بين أن يدركه المسلمون وبه رمق الحياة أولا.
ويؤيده ـ بعد ما عرفت من إطلاق معقد الإجماع وإطلاق الشهيد والقتيل في سبيل الله وما قتل بين الصفين وأصالة البراءة ونحوها ، مضافا إلى غلبة عدم الموت بأول الجراحة بل غالبا يبقى آنا ما معها ، على أنه لو اعتبر ذلك لوجب تغسيل جميع القتلى من باب المقدمة ، إذ لا ظهور يستند إليه في ذلك ، مع ما في ذلك من العسر والحرج سيما إذا أدرك وحياته غير مستقرة مع عدم انقضاء الحرب ـ الخبر المروي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) انه قال يوم أحد : « من ينظر إلى ما فعل سعد بن الربيع؟ فقال رجل : أنا أنظر لك يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنظر فوجده جريحا وبه رمق ، فقال له : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات ،
__________________
(١) أي مع عدم عسكر للمسلمين ( منه رحمهالله ).
(٢) سيرة ابن هشام على هامش الروض الأنف ج ـ ٢ ـ ص ١٤١.